لعل إعلان الرؤية المستقبلية للسعودية (2030) التي أقرها مجلس الوزراء الاثنين الماضي تعد أهم القرارات في تاريخ الدولة الحديث، إذ إنها تناولت أسئلة ملحة يطرحها الشارع منذ عقود وتتعلق بمستقبل المملكة بعد النفط والتخلص من حالة (الإدمان النفطي) كما سماها مهندس الرؤية الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد في المقابلة التي أجراها الزميل تركي الدخيل على قناة «العربية». جاءت الرؤية بتفاصيل رسمت صورة السعودية بعد 15 عاما، بعد أن نودع آخر برميل من النفط، ذلك «الساحر الأسود» الذي ظل المحور الأساسي الذي ترتكز عليه الدولة في مشاريعها التنموية فأصبح أيقونة لهذه البلاد لدى دول العالم، فلا يذكرون دولتنا إلا وصورة ذلك البرميل المليء ب«الذهب الأسود» تقفز إلى أذهانهم. هناك تفاصيل اقتصادية واجتماعية كثيرة تحدث عنها الزملاء لكنني سأتطرق إلى محور بالغ الأهمية في نجاح هذه الرؤية وترجمتها على الأرض وهو إصلاح البيئة التشريعية، إذ إن التشريع هو الذراع الذي من خلاله ستنفذ الدولة تلك الرؤية، فلا تزال المكينة التشريعية تعاني بطئا ملحوظا أثر بشكل سلبي على بيئتنا التشريعية وهي بذلك لن تواكب الوتيرة المتسارعة والطموحة لمشروع الرؤية في ترجمتها كمشاريع قانونية، لذا لا بد من عمل إصلاحات تشريعية عاجلة تعالج ذلك البطء، وهذا من وجهة نظري لن يتأتى إلا بتعديل آلية إصدار الأنظمة تخفيفا من غلواء الدائرة البيروقراطية في إصدارها، لأن الرؤية يفترض أن تواكبها ثورة تشريعية تتلاءم وروحها الطموحة وتسد الفراغ التشريعي في كثير من المجالات، سواء الاقتصادية أو المدنية أو الجنائية، وكذلك تحديث الأنظمة القائمة، فلا يعقل أن نطلق رؤية بهذا الطموح ولدينا قوانين لها أكثر من 60 سنة لم يطلها التغيير والتحديث، كما أنه لا يتصور نجاح الرؤية ومشروع مدونة الأحكام التي تمثل القانون المدني حبيسة الأدراج. لا نملك مع إطلاق الرؤية الحلم إلا أن نتفاءل بمستقبل واعد لهذه البلاد نأمن فيه على أطفالنا بأن يعيشوا الحياة التي يستحقونها. * كاتب ومحام