عزا الناقد الأكاديمي الدكتور عبدالله الغذامي حدة بعض المغردين على موقع التواصل تويتر إلى ما تحفل به ثقافتنا العربية من هجاء. وقال الغذامي في محاضرته «حرية التعبير ومسؤولية التعبير» التي ألقاها في ملتقى جسور الثقافي: إن تويتر مختبر كبير يجمع أنماطا من الكتابات ويبرز الخلفيات التي جاء منها هؤلاء المغردون من كافة الأطياف. وأشار إلى أن التويتر محليا تأثر بتراثنا في الهجاء عبر وسيلتيه في التعبير وتحمل مسؤولية ما نعبر به. وأكد أنه بقدر ما أتاح لنا تويتر من حرية التعبير بقدر ما أضعف أو ألغى مسؤولية التعبير. ولفت إلى أن الحرية المطلقة مفسدة، إذلا حرية إلا بضوابط عند جميع الأمم، داعيا إلى التفريق بين الكتابة باعتبارها وسيلة حضارية للتعبير وبين العبثية التي يمارسها البعض ظنا منه أنها تقدمه كمثقف وشخصية مفكرة. ووصف بعض الكتاب بأسرى الاستحياء الحقوقي، إذ أن تخليهم عن ممارسة هذا الحق القانوني أضعف ثقافة التقاضي لدينا لمصلحة وحساب التسامح وربما مارس البعض الضغط المقيت على الكاتب ليرغمه على التنازل عن المتطاول عليه. وتساءل الدكتور الغذامي كيف يمكن لقوة غير عاقلة أن تسيطر على قوة عاقلة؟، وكيف حولت أمريكا خلال عشرين عاما صورة الأفغان في الأذهان من مناضلين أيام ريغان إلى إرهابيين أيام جورج بوش؟، رغم أن النموذج الأفغاني يتطابق منطقيا وعمليا مع الحرب الأهلية في إسبانيا التي تحولت لنموذج يمجده البشر. وتناول الغذامي دلالات عدد من مصطلحاته التي نحتها بناء على معطيات مواقع التواصل ومنها (الصورة بوصفها معنى)، و(ثقافة الدقيقة الأولى) و(أخلاقيات المغردين وسلوكهم وأنماطهم). واستعرض الغذامي جانبا من سيرة حضوره في (تويتر) الذي امتد لخمس سنوات، إذ كانت بدايته مع التغريد باستعراض كتبه وعرضها على شكل تغريدات وعمل قراءة نقدية وإجراء حوارات حول ما يطرح فيها، مشيرا إلى أن الكتاب الواحد يتم استعراضه من أسبوع إلى أسبوعين حتى يغلق الباب وينتقل إلى كتاب ثان وثالث.ولفت إلى أنه خرج من تجربته التويترية واستقرائه لأصحاب الحسابات ومتابعيهم بكتاب أسماه كتاب «ثقافة تويتر، حرية التعبير ومسؤولية التعبير». واستعرض في المحاضرة عناوين مما دونه في الكتاب عن ممارسات السعوديين في تويتر، إذ يعتبره المرحلة الثالثة من أسلوب التعبير العربي بعد أن تمثلت المرحلة الأولى في التعبير الشعري وتشكلت ملامح المرحلة الثانية في الصحافة. وتوالت المداخلات في نهاية المحاضرة بدءا من عضو مجلس الشورى السابق الدكتور محمد آل زلفة الذي ربط بين المحاضرة والتحولات المجتمعية وأثر الانفتاح الفضائي والكوني الذي لا فضل للعرب فيه على بعض الموتورين والمتأزمين واستغلالهم مواقع التواصل للتطاول والإساءة. فيما تساءلت الدكتورة عزيزة اليوسف عن دور نظام الجرائم المعلوماتية في الحد من التجاوزات والتشهير في تويتر، فيما علق الكاتب محمد الحمزة بعرض شيء من تجربته في تويتر، مثمنا للدكتور الغذامي ما تركه من أثر عليه خلال متابعته تغريداته وتفاعله معها وتعليقه عليها.