لم تألف الكرة السعودية طيلة تاريخها الممتد من منتصف القرن الماضي، نضوبا على مستوى حراس المرمى كما الذي تعيشه في السنوات الخمس الماضية، إذ ظلت هذه الخانة على وجه التحديد مشكلة كبرى تؤرق مدربي المنتخبات الوطنية والأندية على حد سواء، بعد أن توارت الأسماء الثقيلة التي كان يعول عليها في تأمين العرين وحمايته من قناصة الشباك ولدغات المهاجمين، ولطالما كان النجباء الأساطير من آل الدعيع وسالم مروان وحمود التركي وأحمد عيد أمناء على شباك أنديتهم والمنتخب الوطني، وترك اعتزالهم فراغا كبيرا عجز خلفهم عن سده أو تعويضه أو الاقتراب من ذلك في أسوأ الأحوال، وهو ما يتفق عليه خبراء التدريب والنقاد الرياضيون الذي عبروا عن استيائهم من قلة الاهتمام بمركز حراسة المرمى وعدم إعطائه حقه من الأهمية من قبل مسيري الأندية أسوة بالمراكز الأخرى، مؤكدين على أن الكثير من الأندية السعودية والمنتخبات خسرت بطولات مهمة بسبب ضعف شاغلي هذه الخانة وتواضع إمكانياتهم، مستبعدين أن يكون الحل في السماح باستقطاب حراس مرمى أجانب، بل بالاهتمام بالحراس الحاليين عبر استقطاب مدربين عالميين ذوي كفاءة عالية وإقامة معسكرات خاصة ومكثفة لهم. يرى المدرب الوطني صالح المطلق أن عذر الاتحاد السعودي في عدم استقطاب الحراس الأجانب، مشروع ومنطقي في كون ذلك مدعاة لعدد كبير من الأندية في جلب الحراس أجانب وتضرر السعوديين وبالتالي دخول المنتخب في أزمة أكثر مما هي عليه الآن. وتسائل المطلق قائلا: لماذا لا تضاعف الإدارات اهتمامها بالحراس، سبق أن اقترحنا أن تكون هنالك مدرسة خاصة للحراس ونصحنا الأندية باستقطاب مستجدين وتأهيلهم، لماذا لا تستقطب الأندية حراسا جددا وتطورهم. وأضاف أتذكر أن إدارة نادي الشباب عملت على استقطاب حراسا في وقت سابق ونجحت في ذلك، وسيكون هنالك نجاح بكل تأكيد لمن يطبق هذه الخطوة، وأنا لا أرى أن هنالك رعاية كافية خاصة للحراس وبالتالي أصبحوا عملة نادرة وشحيحة. وختم بالقول: أتمنى أن تتم دراسة الموضوع، إذ لا توجد لدينا دراسة كافية للوضع للأسف، ويجب أن يدرس موضوع الحراسة بشكل متأن من قبل اتحاد القدم والأندية، فنحن بكل تأكيد مقصرون في هذا الموضوع إلى حد كبير. التطوير هو الحل يقول الناقد الرياضي الدكتور مدني رحيمي: لدينا مشكلة كبيرة في الحراسة وهذا واضح للجميع، ولو تم استقطاب حراس أجانب لن تتم معالجة المشكلة بل تزيدها وتفاقهما، وإن تمت معالجتها بهذه الطريقة على مستوى الفرق فهي حتما لن تكون كذلك للمنتخب، نحن مطالبون بأن نبحث عن سبب إهمال مدارس الحراسة ولماذا أصبحت نوعية الحراس الموجودة عادية جدا، وأين نحن من استقطاب مدربي الحراس العالميين وعلى مستوى عال جدا لتدريبهم بشكل علمي صحيح، نحن نبحث عن العلاج للمنتخب ومؤخرا ظهر حراس جيدون ولكن لجهلهم بالانضباط والاحتراف هبطت مستوياتهم وفقدناهم، لذلك نحتاج إلى زيادة الوعي الرياضي لدى اللاعب المحترف وتثقيفه، والتحذير بضرورة الابتعاد عن المحظور والسهر والإهمال، حاليا لا يوجد لدينا حراس مميزون بشكل كبير سوى قلة، وبينهم حارس نادي الهلال خالد شراحيلي الذي عاد بقوة واستفاد من فترة الإيقاف وأعاد حساباته، ولكن بشكل عام ليس لدينا حارس يشبع طموحنا ويوازي أساطير حراستنا السابقين. الاهتمام بالمواليد يعلق المدرب الوطني علي كميخ بالقول: أنا ضد الاستعانة بالحراس الأجانب لأن هذا المركز بالذات يحتاج أن تعمل عليه بفكر احترافي لأي مركز من مراكز كرة القدم، ومن الممكن أن تستعين بمهاجم ومدافع ووسط وسهل أن تعوضه بلاعب محلي، لكن في حراسة المرمى إن لم يكن لديك حارس بالدوري السعودي منسجم فلن تستفيد شيئا، لك أن تتخيل أن يكون لديك حراس أجانب أقوياء وجاء وقت مشاركتهم مع منتخباتهم فإنك ستعاني بشكل كبير ويعاني منتخب بلدك، ولو نظرنا للدول الأخرى التي استعانت بحراس مرمى فإنها عانت بشكل كبير مع منتخباتها، أنا ضد الفكرة جملة وتفصيلا ولكن مع العمل على ضرورة التنقيب عن المواهب مبكرا وصقلها والعمل على تطويرها من خلال مراكز داخل وخارج المملكة، ومن خلال دعم احترافهم الخارجي بحيث يكون لديك أكبر رصيد حقيقي من حراس المرمى الخبراء، فضلا عن أن لدينا حراسا لم يأخذوا فرصتهم من ضمنهم المواليد الذين يجب أن نعمل على الاستفادة منهم ووضع لجنة فنية من حراس المرمى لمتابعتهم في أندية الظل، ومن خلال مراكز تدريب على أن تنطبق عليهم الشروط بدنيا وتسويقيا في دوري الأولى والثانية ودوري جميل وسيكون لدينا حينها حراسا يشار لهم بالبنان ويعتمد عليهم بشكل دائم ومفيد. شح المواهب يرى المدرب الوطني بندر الجعيثن أن السعودية بحاجة إلى حراس مرمى على مستوى عال، مشيرا إلى أنه في السابق لم يكن سوى محمد وعبدالله الدعيع فقط من يستحقون الإشادة بشكل كبير، إذ كان لهم دور كبير في تاريخ الكرة السعودية، أما الفترة الحالية فلا يوجد حارس مرمى موهوب يمتلك مواصفات الحارس الذي يتوقع أن يكون له دور كبير ومؤثر في مستقبل الكرة السعودية. وأضاف «يجب أن يكون هنالك عمل على اكتشاف الحراس عبر معسكرات خاصة للحراس بأعمار محددة لاكتشاف المواهب سواء من الأندية أو من خارجها، ووضع معايير العمر والطول وغيرها في الحسبان، نحن نفقتد لحراس المرمى ذوي القامة الطويلة مثلا إذ لا يوجد لدينا سوى وليد عبدالله وعبدالله المعيوف، أما 80% من حراسنا دون ذلك والكرات تعتمد على الكرات الطويلة العالية وهنا التكوين الجسماني والطول مهمان في حماية عرين الأخضر.