يبدو أن حالة الخوف والقلق التي انتابت الجمهور الهلالي على مستقبل الحراسة في الفريق الأزرق فور سماعهم نبأ اعتزال حارس القرن الأسطوري محمد الدعيع لم تكن حالة وهمية إذ إن ما كان مخفيا وغامضا حدث على أرض الواقع بعد أن تذوق بنو هلال طعم المرارة والألم من جراء خسارة فريقهم من ذوب اهن الإيراني في البطولة الآسيوية للأندية ذهابا وإيابا نتيجة لأخطاء قاتلة مشتركة ما بين خط الدفاع مع الحارس الذي على الرغم من محاولاته ولكن كان واضحا تأثير غياب الحارس الأسطوري الدعيع في تلكما المباراتين اللتين على ضوئهما فقد الهلال أمل تحقيق البطولة الآسيوية وتلاشى حلم المشاركة في كأس العالم للأندية. عاش الجمهور الأزرق كتلك الليلة الكئيبة والموجعة التي عاشها الجمهور السعودي في 9 – 9 – 2009 بعد أن خرج الأخضر من التصفيات المؤهلة لكأس العالم 2010 بسبب سوء التغطية الدفاعية ومتابعة الحارس، حيث كان السيناريو شبيها الى حد كبير بنفس السيناريو، فالمكان واحد والتاريخ مميز والنهاية أليمة والجماهير التي حطمت الأرقام القياسية خرجت في تاريخ 20 / 10 / 2010 بخيبة أمل كبيرة وقضوا ليلة مليئة بالحزن والكآبة متحسرين على خسارة فريقهم أمام أعينهم وكأن لسان حالهم بعد الخروج المر يقول: وينك يا بو دعيع. أسباب الخسارة والخروج المر واضحة ولا تحتاج إلى تقرير أو تحليل فني أو نقاش، فالفريق الأزرق قضى عليه تخبطات جيريتس الفنية علاوة على أن الفريق الأزرق افتقد إلى وجود القائد الذي يبث روح الحماس والإحساس بالمسؤولية وافتقد للحارس الذي يضبط الخطوط الخلفية بتوجيهاته مادام ذهن المدرب «ناقض العقود خائن العهود» مشغولا في تدريب المنتخب المغربي، فالمدرب جيريتس حول الخط الهجوم إلى خط عقيم وأثبت أنه مدرب يفتقد لقراءة المباريات ولعل مباراة 20 أكتوبر تؤكد أنه سيئ في قراءة المباريات ولاسيما الحساسة ولولا براعة نجوم الهلال لكان الزعيم خرج من مباراة الغرافة. المسألة بكل بساطة جيريتس خسر الرهان وعلى إدارة الهلال ألا تترك حقوق الهلال وتقوم برفع قضية إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم لاسترجاع حقوق النادي فلا مجال للعواطف والمجالات، فالمدرب الذي تسبب في إحراج الرئيس وإرابك الفريق بالتخلي عن الأطقم الفنية والطبية ما كانت نتيجته إصابات وغيابات يفترض أن يعاقب ويغرم. وأثبت بعد رحيل الظاهرة، وصحت مخاوف الجمهور الأزرق وصدقت تنبؤاتهم بأن مركز الحراسة في الفريق الهلال « لا يطمئن» بعد رحيل أسطورة الحراسة الآسيوية محمد الدعيع الذي منذ أن قدم إلى الهلال قبل 11 عاما انسى بني هلال مركز الحراسة ولا سيما أنه قبل مجيء الظاهرة للهلال كانت تشكل خانة حارس المرمى هاجسا مخيفا لجميع الهلاليين قبل كل مباراة تنافسية أو نهائية ما حدا بإدارات الهلال المتعاقبة على استقطاب عدد كبير من حراس المرمى البارزين في الدوري السعودي ولكن دون جدوى ليأتي الفرج في عام 1999 على يدي أسطورة القرن محمد الدعيع الذي أنهى المعاناة الهلالية وحمى المرمى الأزرق والذي تغير مسماه من مرمى الهلال إلى مرمى الدعيع، وساهم بشكل كبير جدا في انتصارات وأرقام قياسية ساحقة بل إنه كانت له اليد الطولى في مضاعفة بطولات الهلال محليا وعربيا وقاريا ودوليا إلى أن وصلت إلى 50 بطولة كان آخرها كأس ولي العهد وبطولة دوري زين للمحترفين وهما البطولتان اللتان حملهما الدعيع.حسن العتيبي لم يكن سيئا وكان يقدم مباريات جيدة ولكن الفريق الهلالي في تلكما المواجهتين كان في حاجة إلى وجود محمد الدعيع الذي يشكل ثقلا كبيرا في الهلال. والمتابع لمباريات الفريق الأزرق الأخيرة يجد أن هناك ثغرات في خط الدفاع من ناحية التنظيم والتركيز والمتابعة والمراقبة علاوة على التغطية الدفاعية ولاحظنا كيف أصبح مستوى هوساوي مهزوزا. عدد من المحللين والمدربين واللاعبين السابقين أجمعوا على أن اعتزال محمد الدعيع أحدث خلخلة في الفريق الهلالي بجميع خطوطه ولاحظنا كيف أن الهجوم الهلالي بات عقيما تهديفيا كون المهاجمين انشغلت أذهانهم بمرماهم الأزرق وافتقدوا للحارس الأمين الذي يغرس الثقة في نفوسهم بإمكانياته الكبيرة، فالأسطوري الدعيع وقفته فقط بين الخشبات الثلاث كافية بأن تمنح جميع أفراد الفريق الارتياح ولكن ما حدث هو العكس، حيث شعر لاعبو الهلال في تلك الليلة الآسيوية بأنهم كانوا في أمس الحاجة إلى القائد الحقيقي. لاشك أن اعتزال حارس بقيمة وعظمة محمد الدعيع أحدث هزة قوية للمنتخب السعودي قبل الفريق الأزرق، وسيعاني الأزرق طويلا في البحث عن إيجاد بديل للحارس العالمي الكبير الذي كان يشكل كابوسا للفرق المنافسة التي شعرت بفرق كبير وبون شاسع ما بين وجوده في المرمى ووجود غيره والشواهد كثيرة، فالمنافس التقليدي النصر كان الأكثر فوزا والأوفر تهديفا طوال مواجهات الفريقين لأكثر من 30 عاما ولكن بعد انتقال الدعيع للزعيم انقلبت المعادلة وتغيرت الأرقام ليحدث العكس، حيث اعتزل الدعيع والفريق الهلالي يتفوق تهديفا وفوزا على جاره اللدود، لهذا لا يلام الجمهور الهلالي على حالة الخوف والقلق التي انتابتهم برحيل الأسطورة كون جرس الإنذار دق وأعلن عن دخول المرمى الهلالي غرفة الإنعاش وكل من في صالة الانتظار يردد من يسد مكانك يا دعيع؟! .