لماذا أعلنت السعودية تعليق هبتها إلى لبنان؟ الهبة المقدمة إلى الجيش اللبناني في ديسمبر 2013 وهي عبارة عن ثلاثة مليارات دولار تلاها مليار في العام الذي تلاه، ليصبح المجموع أربعة مليارات دولار للجيش والأمن العام، وبالتالي فسبب الهبة قبل الحديث عن سبب تعليقها، هو دعم لمؤسسات الدولة عوضا عن دعم الميليشيات، وهو خلاف للنموذج الإيراني في دعم ميليشيا حزب الله. السؤال الثاني عن القرار السعودي والخليجي، من تعاقب السعودية بهذا القرار في لبنان؟ هل القرار موجه للجيش أم للدولة اللبنانية أو ما تبقى منها ! هل سيتأثر مئات الآلاف من اللبنانيين العاملين في السعودية والخليج؟ أسئلة وهواجس عدة تسكن الشارع اللبناني بعد القرار، وأسئلة موجودة أيضا لدى المواطن الخليجي عامة الذي يجد تحذيرات من الذهاب للبنان تبدو أشد لهجة من ذي قبل. حفلة السباب التي يقودها عادة نصر الله لم تتوقف يوما منذ حرب تموز 2006، وحمي وطيسها بالطبع بعد عاصفة الحزم، حيث كانت عاصفة مؤلمة جدا للضاحية، وبالتالي لا يمكن في ظني الربط بين تصريحات حزب الله ومن يدور في فلكه وبين قرار تعليق الهبة السعودية، كما أن تعليق الهبة لا يبدو ذا علاقة بالتدخل العسكري لحزب الله في سورية والذي يعود لأكثر من ثلاثة أعوام. لبنانيا يبدو أن حزب الله وبتوجيه من إيران، قرر أن يكون هناك «تلازم مسار» بين سورية ولبنان، وهي العبارة الشهيرة لحافظ الأسد، وبالتالي قررت إيران منذ بداية الصراع السوري أن يكون مصير لبنان هو التعطيل، ويتم التعامل مع لبنان بحسب شكل سورية النهائي، سواء مقسم وهو الأرجح، أو أن يبقى موحدا وهذا أصعب إلا إذا زارت الحكمة موسكو عنوة. حزب الله عطل تشكيل حكومة تمام سلام 16 شهرا، ثم وضع مسمارا أخر في الحكومة بعد تنازله عن الثلث المعطل في الحكومة التي سبقتها، وهذا المسمار هو قدرة أي وزير منفرد تعطيل أي قرار وبالتالي سيناريو الوزير المعطل، تلا ذلك الشغور الرئاسي منذ ما يقارب 21 شهرا، وشغور هذا المنصب تحديدا يمنح صلاحيات كبيرة للأمر الواقع لحزب الله، فمثلا الرئيس ميشيل سليمان مرر قرار المحكمة الدولية وهو القرار الذي ما كان له ليمر دون رئيس في قصر بعبدا «قصر الجمهورية». وحتى محاولات حلحلة ملف الرئاسة باءت بالفشل، سواء ترشيح جنبلاط والحريري لسليمان فرنجية، أو ترشيح سمير جعجع لميشيل عون، وهو ما قرأه نصر الله على أنه إنكسار ل 14 آذار، عبر ترشيحهم لمرشحين من 8 آذار، وبالتالي أعلنها صراحة أن مرشحه هو الشغور الرئاسي، أو على طريقة الانتخابات الإيرانية التي تصفي المرشحين المفضلين قبل الانتخابات، قال نصر الله إنه لن ينزل إلى البرلمان إلا إذا ضمن وصول مرشحه «ميشيل عون» للرئاسة، رغم أن الممارسة الديموقراطية تقضي أن ينزل الجميع للبرلمان ومن يأخذ الأصوات الأكثر يصبح الرئيس. ولهذا تبدو خطوة السعودية موجهة ضد حزب الله تحديدا، ورسالة إلى روسيا أيضا، لأن السعودية نهجا وتاريخا لا يمكن أن تعاقب الشعب اللبناني، كما أن الدولة لا تملك من أمرها الكثير حتى تعاقبها المملكة، وإن كان القرار يدفع الحكومة للضغط أكثر على حزب الله لإنهاء حالة الشغور الرئاسي. الخطوة السعودية وما سبقها من وضع حزب الله على قائمة الإرهاب، ثم إدراج أشخاص وشركات تدعم الحزب، هي خطوة مهمة ولو كانت متأخرة، كما أن تقديم اليمن لمذكرة إلى مجلس الأمن ضد ممارسات حزب الله في اليمن، خطوة مهمة أيضا في التضييق السياسي دوليا على حزب الله. إيرانوروسيا تتفقان على القتال في سورية، وتختلفان حول الهدف وحول مصير الأسد وحول سورية المستقبل، لكن الأكيد أن اليد الطولى أصبحت لروسيا دون جدال، وعليه فالسعودية تضغط على روسيا بقرارها ضد حزب الله، حتى تفك الارتباط بين مصير سورية ولبنان، وحتى لا يضل مختطفا بسلاح حزب الله، وهي خطوة جيدة مرحليا، لكن يجب أن يكون هناك مشروع عربي في لبنان، بعد قتل الحريري المشروع والشخص في 2005.