يحمد لإدارة نادي جدة الأدبي حرصها على مواصلة ملتقى النص في دورته الرابعة عشرة، هذا الملتقى الذي استمر عبر سنوات من التعتيم على مصدر المسمى والذي خرج من جريدة «عكاظ» من خلال قسمها الثقافي حين كان يصدر في ثماني صفحات، في تلك الأيام كان القسم مكونا من أربعة أشخاص هم: محمد الطيب (رحمه الله) والشاعر عبدالمحسن يوسف وعبده خال ويرأسهم الدكتور سعيد السريحي.. ذلك الملحق (أصداء الكلمة) استلم الراية في نشر الأدب الجديد من الأقسام الثقافية في أكثر من جريدة سابقة وخاصة ملحق المربد بجريدة اليوم، واقترح القسم الثقافي بجريدة «عكاظ» أن يقام ملتقى يجمع المنشغلين بالإبداع الجديد لمناقشة القضايا الأدبية من خلال رموز الحركة ومن أجل الاستفادة من المواد الثقافية التي يناقشها المجتمعون لنشرها في الملحق الذي يحوي ثماني صفحات أدبية.... في تلك الفترة اجتمع القسم الثقافي ب«عكاظ» مع مجموعة من الأدباء لمناقشة الفكرة، وكان ممن حضر الدكتور عبدالله الغذامي والدكتور عثمان الصيني والدكتور عالي القرشي والدكتور حامد بدوي والأستاذ فايز أبا إضافة إلى أفراد القسم الثقافي بالجريدة، وانتهى الاجتماع على تسمية الملتقى بملتقى النص ومن عنوانه كان الهدف متابعة النصوص الجديدة بالنقد والتحليل.. وانتقل هذا المسمى إلى نادي جدة الأدبي كون الدكتورين الغذامي والسريحي عضوين في مجلس إدارة النادي، احتجت لهذه العودة الخلفية بسبب الخلط الذي حدث في الملتقى الأخير المعنون ب«الحركة الأدبية في المملكة العربية السعودية بين عامي 1400 - 1410: قراءة وتقويم»، فكثير من الأوراق المقدمة شرقت وغربت حول ما حدث في تلك الفترة الذهبية التي مرت بالأدب المحلي.. وسبب ذكري لهذه التسمية أنها كانت غائبة عمن تحدث عن فترة لايزال أبطالها أحياء ويعرفون تماما ما أنتجوه وما اعترض طريقهم، بينما كان جل المحاضرين بعيدين عن تلمس الحكاية.. كنت أنتظر أن تفرد جلسة عما حدث بين رفقاء الدرب من خصومة والافتراق حول مدرستي الشكلانيين والواقعية الجديدة ففي هذا الخصومة حكايات تروى. وكانت إدارة نادي جدة الأدبي ملامة حينما اختارت هذا الموضوع من غير أن تستدعى المشاركين في تلك الحقبة الزمنية، خاصة وأن جل من شارك فيها لايزالون أحياء، ولو حدث مشاورات من قبل النادي لربما أحدث ملتقى النص تفاعلا حقيقيا عن فترة لاتزال موفورة الثمار. فإن كتب الدكتور عبدالله الغذامي (حكايتي مع الحداثة) فلم يكن فيها إلا فرد واحد من مجموعة شكلوا أناسا ومؤسسات وجرائد، وليس من الإنصاف أن تتحول ثمار الحركة الحداثية لحضن شخص واحد (هذا إذا أردنا أن نخرج أزمة الفكر العربي الباحث عن البطل الأوحد أو المنقذ) فالدكتور عبدلله الغذامي لم يكن القائد، بل كان منقادا للكتلة الثقافية التي كان يتحرك فيها ومعها.. ولأن حركة الحداثة المحلية هي تاريخ للحراك الاجتماعي كان لا بد أن تتضح الحكاية، ليس لشيء وإنما أمانة للماضى الذي لم يتم الإمساك به خلال عشرين سنة ماضية .. هذا هو معضلة التاريخ! فالمكتوب هو الوحيد الذي يعبر الزمن، بينما تربض عشرات الحكايات الشفوية في مكان رطب سيئ التهوية لتدخل إلى النسيان طائعة مطيعة.