خمسون عاما مرت على انطلاق مسيرة «جريدة اليوم» زادت الجريدة فتوة ونشاطا، أجيال من مثقفي الوطن مرّت من هنا وتخرجت في هذه المؤسسة وكبرت معها، وها هم الأدباء والمثقفون يتذكرون– مع كثير من الشغف والحنين- مسيرة الجريدة العريقة وخدمتها المتميزة للثقافة والمثقفين منذ أيام ملحق «المربد» حتى يومنا هذا. الجسر الثقافي في البداية يقول الأديب والباحث ورئيس نادي جدة الأدبي السابق عبد الفتاح أبو مدين: إن صحافتنا ملتزمة، تقوم برسالتها كما ينبغي وقد مر على هذه الصحافة اكثر من نصف قرن، ومنها صحيفة "اليوم" التى تحضر في الدمام في المنطقة الشرقية وهي صحيفة اتيح لها ان تنفرد بمنطقة كاملة عريضة، اما عن الدور الثقافي الذى يلعبه الملحق الثقافي، فقد لعب الملحق الثقافي في جريد اليوم بدءا من "المربد" الى "الجسر الثقافي" دورا هاما في مواكبة الحراك الثقافي في جانبه العملي من حيث إبراز المنجز الإبداعي المحلي وتسويقه ورسم السياسات الثقافية المؤثرة على أصحاب القرار وتسليط الضوء على هموم الكتاب، فالملحق جزء لا يتجزأ من المشهد الثقافي العام بما يقدمه من مواد إبداعية وفكرية دسمة جديرة بالمتابعة، وكونه أيضا يشكل منبرا ثقافيا مهما يستطيع من خلاله الأديب وخاصة إذا كان في مرحلة البدايات نشر إبداعاته، وتحريك الواقع الثقافي الساكن بتميز الانتاج واختلاف موضوعاته وهذا يرجع الى المساحة التى افردها لهم الملحق وتعزيز حرية التعبير الى ان اصبح "الجسر الثقافي" بمثابة المنبر الذي يسعى اليه الأدباء لقدرته على النفاذ إلى شريحة عريضة من الجمهور وخلق حالة من السجال الثقافي بين المثقفين لإثراء المشهد الثقافي. مخزون من الطاقات ويصف رئيس مجلس إدارة جمعية الثقافة والفنون ورئيس تحرير (اليوم) سابقا سلطان البازعي، أن تميز النشاط الصحفي الثقافي في صحيفة "اليوم" منذ البدايات الأولى للصحيفة بالريادية في الساحة الثقافية السعودية والعربية، وذلك بسبب المخزون الكبير من المثقفين والمبدعين من أبناء المنطقة، الذين أسهموا بشكل مباشر في تحرير الصفحات الثقافية وإخراجها، ومن هؤلاء عدد من الرواد في النقد الأدبي والشعر والقصة والموسيقى والفن التشكيلي والتصوير، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر: محمد العلي وخليل الفزيع وجبير المليحان وشاكر الشيخ- رحمه الله- وعبدالعزيز مشري- رحمه الله- وحسن السبع وعبدالرؤوف الغزال ومبارك الخالدي والأخوان علي ومحمد الدميني وعبدالرحمن السليمان. هؤلاء أسسوا لعمل لا يزال مستمراً في قيادة حركة التنوير وإحداث حراك فاعل في الفكر والثقافة بالمملكة العربية السعودية، وأعتقد جازماً أن القسم الثقافي في صحيفة اليوم لا يزال يقوم بهذا الدور وأنه لا يزال رقماً مهماً في تحريك الساحة الثقافية السعودية. همزة وصل الدكتور أحمد قران الزهراني مدير عام الأندية الأدبية قال: ونحن نحتفل بخمسينية صحيفة اليوم علينا أن نتذكر تاريخها الثقافي الذي قدمت من خلاله وعبر مسيرتها عطاء لا حدود له من الرؤى والتجارب الثقافية على كافة المستويات وأسهمت بدور كبير في المشهد الثقافي السعودي. وأضاف: ساهمت صحيفة اليوم في كافة الجوانب التنموية للمنطقة الشرقية بشكل خاص وللوطن بشكل عام. كما ساهمت في تطوير وانتشار الأدب والثقافة السعودية من خلال تبنّيها للتجارب الشابة إلى جانب تقديمها المنتج الثقافي للرواد. وختم الزهراني بالقول: صحيفة "اليوم" كانت همزة وصل بين شرق البلاد حيث مكان صدورها وبين بقية مناطق المملكة من جانب، وبين مثقفي المملكة ومثقفي الخليج والعالم العربي من جانب آخر. لقد قدمت أسماء كبيرة في تاريخنا الثقافي وساهمت في تبنّي التجربة الحديثة للأدب والثقافة العربية وكانت منبرا لكافة الأصوات الثقافية. شراكة مجتمعية وقال عميد كلية الآداب بجامعة الملك فيصل رئيس مجلس إدارة نادي الأحساء الأدبي الدكتور ظافر الشهري: نُبَارِك لدارِاليومِ للإعلام نجاحاتها على مدى نصفِ قرنٍ من الزمن. دار اليوم للإعلام والصحافة صرح إعلامي خدم الوطن والأدب والثقافة وساهم في دفع عجلة التنمية في المنطقة الشرقية بشكل خاص وفي المملكة بشكل عام على مدى نصف قرن من الزمن، وعندما تحتفي دار "اليوم" للإعلام بمرور خمسين عاما على انطلاقتها، فإننا في نادي الأحساء الأدبي نشاركها هذا الاحتفاء وتشاركها كذلك النخب الثقافية والأدبية والإعلامية في الأحساء على وجه الخصوص وفي المنطقة الشرقية على وجه العموم، ولاشك أن جريدة اليوم رسمت لها موقعا مرموقا على صفحة الوطن، فهي سباقة للخبر الجديد الصادق، وهي شريك فاعل لمؤسسات المجتمع المدني في المنطقة الشرقية على مدى نصف قرن من الزمن تتلمس مواطن التقصير فتنبّه المسؤولين إليه بصوت العقل والحكمة بعيدا عن الإثارة الفجة والتضخيم المفتعل، وتشيد بالمنجزات الكبيرة التي تحققت للوطن. وأضاف الشهري: لقد استطاعت دار اليوم للإعلام من خلال جريدة اليوم أن ترسم مستقبلها الإعلامي بخُطى الواثق من رصيده الكبير في صناعة الإعلام الحديث، ونحن لا ننسى موقف جريدة اليوم في مؤازرة النادي الأدبي بالأحساء منذ تأسيسه سنة 1428ه حتى الآن، ومجلس إدارة النادي يقدر كل التقدير شراكة جريدة اليوم مع نادي الأحساء الأدبي، ففي مهرجان «جواثى» الثقافي الذي أُقيم حتى الآن أربع دورات، كانت جريدة اليوم الشريك الإعلامي الكبير في الحضور الإعلامي المتميز ومواكبة الحدث من خلال حجم المساحة التحريرية والإعلانية التي منحتها للنادي؛ مما ساهم في النجاح الكبير الذي حققه النادي في هذه المناسبة الثقافية الكبرى التي أصبحت علامة بارزة في سماء الأحساء، ولا تزال جريدة اليوم مع النادي في كل فعالياته. ويختم الشهري بالقول: لا ينكر أحد دور جريدة اليوم في دعم المواهب الأدبية والثقافية والإبداعية من خلال ملاحقها الأدبية والثقافية، ومن خلال ما تنشره من كتابات النقاد في هذا السياق، ولا تقام مناسبة على المستوى الأدبي والثقافي إلا ونجد حضور جريدة اليوم متميزا، وبهذه المناسبة يتقدم مجلس إدارة نادي الأحساء الأدبي وجمعيته العمومية وأدباء وأديبات الأحساء ومثقفوها ومثقفاتها بصادق التهنئة لدار اليوم للإعلام بمناسبة مرور نصف قرن من الزمن حافل بالإنجاز والعطاء على انطلاقتها المباركة في سماء الوطن، متمنين لها التوفيق والسداد. قريبة.. وفي القلب عضو مجلس الشورى الدكتور أحمد الشويخات استعرض ذكرياته مع الجريدة فقال: كتبتُ في اليوم في منتصف الثمانينيات الميلادية فور عودتي من الدراسة في امريكا، واستمر ذاك لأكثر من عام. كانت الجريدة منبراً لحوارات ثقافية جادة صاعدة حتى خبا الحراك الثقافي قليلاً في التسعينيات. كان صراع الأفكار على أشدّه بين التوجهات الثقافية التجديدية مقابل الأفكار التي تخشى التجديد وتتهم أي جديد بالتغريب والحداثة الكافرة. بعد سنوات، كان لمشروع الموسوعة العربية الذي شرُفت بإدارته تعاون ثقافي إعلامي مع الجريدة، وقامت الجريدة بموجبه بالتعريف اليومي بالمشروع مقابل اعلان يومي عن الجريدة في موقع الموسوعة على الانترنت. وأضاف: جريدة اليوم أيقونة ثقافية وإعلامية في العمل الصحفي في المنطقة الشرقية وفي المملكة بوجه عام. أتذكر زياراتي المستمرة لمكاتبها القديمة في الشارع الثامن عشر بالدمام، لقاءاتي بالأستاذ خليل الفزيع وعتيق الخماس، لاحقاً في مبناها الجديد زرت الجريدة غير مرة، وكان الأستاذ محمد الوعيل والاستاذ صالح الحمدان يقودان العمل التطويري الجديد. وكنت أرى الحماسة عند طاقم العمل، تحضرني الهموم والتطلعات الجميلة في العمل التحريري الذي كان يقوم به الأساتذة الغزال، وأبا حسين ومطلق.. لا بد من الاشادة بهذه التطلعات المهنية التي أسهمت في تطوير الجريدة في العقدين الماضيين وبأعمال المسؤولية الاجتماعية التي قامت وتقوم بها الجريدة الرائدة. أتمنى أن تلتفت الجريدة أكثر وأكثر الى تطوير قدرات الشباب في المجال الصحفي، مع مزيد من الاسهام المطلوب في مجال المسؤولية الاجتماعية، فالمجال هنا واسع ويحتاج الى المزيد. تمنياتي للجريدة بدوام التوفيق والنجاح. منارة إبداع القاص والروائي أحمد الدوحي بارك للزملاء والأصدقاء والقراء مرور خمسين عاما على تأسيس الصحيفة، وكل المراحل التى مرت بها جريدة اليوم الغراء، ستظل منارة ابداع ومهنية شامخة رغم ما تعرضت له من أزمات ربما تحريرية أو مادية ولكنها صحيفة ظلت منتجة ووضعت لها بصمة خاصة بها واستقطبت العديد من الكتاب المبدعين من الداخل والخارج وكتّابا سعوديين وكتّابا عربا، وستظل جريدة منافسة مع نظيراتها الاخريات، وهي تحوز على اعجاب عدد كبير من القراء يتجاوز منطقة حضورها المنطقة الشرقية، ولعل المثقف بالتحديد يتذكر ان هذه الصحيفة لها اليد الاولى في ابراز مواهب ادبية وفنية اصبح لها شأن واصبح لها اسم كبير، ولعل القارئ يعرف ان هذه الصحيفة كان لها ملحق ادبي بارع ومتقدم وهو "المربد" الذي تناوب على الاشراف عليه عدد من الاسماء الثقافية الكبيرة في بلادنا، ولم ينس قارئ جريدة اليوم ان هناك اسماء كبيرة مرت على هذه الجريدة سواء في ادارة التحرير او الاشراف على الملحق الثقافي، ولعلى اذكر منهم محمد العلي وعلي الدميني وشاكر الشيخ وعبد الرؤوف الغزال ومبارك الخالدي واسماء ما زالت تؤدي دورها منهم أحمد سماحة وآخرين. أتمنى لهذه الجريده الغراء كل تقدم وازدهار والف مبروك في عيدها الخمسين. المربد الثقافي القاص والروائي عبدالحفيظ الشمري قال: لا شك أن جريدة اليوم أسهمت منذ انطلاقتها الأولى بمتابعة العمل الثقافي والمعرفي، وحرصت على كل ما له علاقة بالشأن الأدبي، فكان لها العديد من الملاحق والصفحات على مدى خمسة عقود، تكللت بالكثير من التجارب والعطاءات المتميزة التي تعتمد على غرس مفاهيم ثقافية واعية في الجيل الجديد الذي ظل على مدى عقود مرتبطا بهذه التجربة المميزة وذات الخصوصية المترسخة في أذهان أبناء المنطقة الشرقية الذين سجلوا حضورهم الواعي، ولا يزالون يبدعون في مجالات كثيرة. وأضاف الشمري: حينما تتعدد قنوات العمل الثقافي والأدبي لابد وأن جريدة اليوم ممثلة بالقسم الثقافي والأدبي لها حضور فاعل، وأذكر على سبيل المثال تجربة "ملحق" أو "ملف المربد" في نهاية السبعينيات ومطلع الثمانينيات من القرن الميلادي الماضي حينما عنيت "اليوم" بواقع التحول الثقافي. ولكي لا نُصَنِّمَ بعض الأشخاص ونقول عنهم أنهم هم أهل الملف وغيرهم سراب.. على نحو ما ذكره الشاعر علي الدميني الذي قال في كتابته لإحدى الصحف عام 2009م أنه هو الوحيد صاحب ومطور ومعد ومكتشف ملف "المربد" ولم يذكر أي شخص معه في تلك المرحلة من أمثال: عبدالله الشباط وعبدالعزيز مشري وجبير المليحان ومحمد الدميني وآخرين. ويختم الشمري بالقول: نحن هنا نؤكد على أن هناك إضمامة متميزة من المبدعين الذين اسهموا في بناء المشهد الثقافي والأدبي من خلال هذا الملحق وهو ليس حصرا على شخص معين، إنما هم مجموعة كان لهم دور مهم في بناء قناة ثقافية ومعرفية تتدفق إبداعا جديدا، لا سيما في القصة القصيرة والشعر الحر وما تلاه من تفاعلات أدبية وثقافية كان لليوم وملحقها الثقافي دور في بلورة الفكر الجديد الذي ظل يحافظ على تميز العقل ونضج الفكرة وجمال الطرح.. حتى أن القصة القصيرة- كفن جديد كان لها حضور لافت- استطاعت من خلال (ملحق المربد الثقافي) أن تحقق هويتها وان تتقدم نحو القارئ بأسلوب إبداعي جديد ومتطور. رافد عطاء ويرى القاص صالح الأشقر: أن المربد يشكل بالنسبة لمثقفي المملكة أحد الروافد الجميلة في فترة السبعينيات والثمانينيات كانت رافدا مهما للثقافة، وهو جمع كبير للأصوات من الأدباء والمثقفين من أنحاء الوطن العربي، وكانت تكتب فيه أسماء جميلة ثقافية من الداخل والخارج، وكان متابعا بشكل واسع في البحرين وكثير من الدول العربية، وكان المربد فعلا في عدة أوجه مصدرا من مصادر الثقافة والأدب ومصدر معرفة لا تجد مثله في الملاحق الثقافية، وكنا نتابع كتابات علي الدميني وعبدالعزيزي المشري وأحمد الملا وكثير من الأسماء الجميلة التي عُرفت من خلاله، وكان واجهة ثقافية عربية جميلة. تطوير الحراك القاص محمد منصور الشقحاء قال: المربد كان رائدا بما حواه من أسماء فاعلة ومؤثرة في المشهد الثقافي، وأسس لرؤية ثقافية وأدبية لشريحة واسعة من المجتمع الثقافي وكان حاضرا بأسماء جميلة، والأهم من أسمائه الادبية- والتي أسهمت في تطوير الحراك الأدبي والثقافي والتفاعل مع ما يُنشر فيه من نصوص إبداعية من خلال القراءات النقدية والتنوع سواء في النصوص الإبداعية والأسماء المشاركة- كنا نترقب صدور الملحق لانه يحوي مادة أدبية حقيقة للأديب والمثقف والمتابع، وكنا نترقب جديد المواد المنشورة وأقلام المبدعين فيها من أسماء حملة مشعل الثقافة والأدب. منتدى ثقافي الشاعر عبد الله سالم آل حميد قال: كان ملحق المربد الثقافي بمثابة منتدى ثقافي أدبي تلتقي فيه نخب من الأقلام الإبداعية المعبرة في صياغات وفنون شتى من الإبداع في الشعر والقصة والرواية والنقد. وأضاف: كنا قبل ما يقارب ثلاثين سنة أو أكثر ضمن عشاق الأدب فننتظر تجليات الإبداع فيه بشغف كل أسبوع في صحيفة اليوم، لنلتهم ما يحتويه من مواد منتخبة تعبر عن مستويات متفاوتة من البوح وترتقي إلى آفاق الإبداع وتأخذ بمواهب الأدب إلى مسارب الابتكارات الرائعة، ويبقى ذلك الملحق الأثير ذاكرة في وجدان كل محب للإبداع لا يمكن أن يُنسى وقد أسهمت بالاشتراك في الكتابة فيه بتجارب محدودة.