قبل بضع سنين في اعتقادي أنها لا تزيد على التسع سنوات، كان قاصدو المدينةالمنورة من مكةالمكرمةوجدة ومن ينبع أيضا لا يمرون بمحافظة بدر إلا بعد أن يؤدوا صلاة الفريضة التي حل وقتها بمسجد بدر، ثم يتوجهون لمقابر بدر فيسلمون على أهلها، ثم يتجهون إلى قبور الشهداء الذين استشهدوا في يوم بدر التي نصرهم الله فيها، وهي محاطة بسور من جميع الجوانب، فيقف الزائرون على الحائط للسلام على الشهداء والدعاء لهم بالمشروع من الأدعية التي كان النبي محمد صلى الله عليه وسلم يدعو بها عند زيارته لشهداء أحد، ومن في بقيع الغرقد من آل البيت والشهداء ومن جاورهم من المسلمين. وإن لمن المستغرب قفل مقابر بدر كما جرى ثم هدم السور الذي كان يحيط بقبور الشهداء بل وحتى إزالة أسمائهم التي كانت على مجسم أمام باب المقبرة. وإن مما يؤسف له ويحز في النفس وجود دورية من رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حول المقابر لمنع المسلمين من السلام على الشهداء لا من قريب، ولا من بعيد، حتى لكأن زيارة الشهداء من المنكرات ناهيك عن زيارة مقابر المسلمين. لذا فقد أسعدني توجيه صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة المدينةالمنورة باستثمار المكانة التاريخية والسياحية التي تتميز بها محافظة بدر في تعزيز البرامج السياحية، وتهيئة كافة السبل للسياح وزوار المحافظة. وللمسؤولين في محافظة بدر أقول بلسان كل ذي عقل سوي من المسلمين: وماذا في محافظة بدر يمكن أن يكون جاذبا للسياح والزوار لو لم تكن بها مشاهد موقعة بدر الكبرى ومقابر الشهداء الذين كتب الله النصر للمسلمين بهم وبمن شارك في هذه المعركة التي هي معركة الفرقان. ثم ألم يقل الحق سبحانه وتعالى بسورة «التكاثر»: (ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر) وفي ما قرأت: «إن مدلول هذه الآية أن زيارة المقابر مشروعة لأنها تذكر المسلم بالآخرة». كما ورد في حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ما رواه الترمذي: «كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها». زاد الترمذي: «فإنها تذكركم بالآخرة». كما قال عليه الصلاة والسلام برواية أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: «إني نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن فيها عبرة». فها هو نبي هذه الأمة صلوات ربي وسلامه عليه وآله وصحبه يحض أمته على زيارة قبور المسلمين عامة، والذي لا شك فيه أن للشهداء الذين نصر الله بهم الإسلام ما يفرض السلام عليهم والدعاء لهم. أما إذا قيل إن للبعض -وهم بلا شك قلة- تصرفات تنهى عنها الشريعة السمحة، فإن تلك الدوريات ترشدهم وتحول بينهم وبين ما قد يصدر عنهم أو منهم. والله من وراء القصد. السطر الأخير: قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: (وما يدريك أن الله اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم).