تمتاز بلادنا بمقومات جغرافية طبيعية متنوعة، تجعل منها بلدا سياحيا يلبي الطموحات، ولعل السياحة الشتوية أو الربيعية هي أحد الأنشطة التي أصبحت -كما هو الحال في هذه الأيام- خيارا ممتازا للمواطنين الذين تستهويهم البراري والصحاري. وهذا النوع من السياحة له جاذبية خاصة لدى عشاق الطبيعة لما تتضمنه تلك الأماكن من نقاء وجمال أخاذ وكنوز جيولوجية وتكوينات جغرافية رائعة، وحفريات تسجل عصور التاريخ وتحكي سيرة الحياة التى انقرضت فى ماضي الزمان منذ ملايين السنين، وتروي أساطير الغابات التى اندثرت والأنهار التى جفت والبحار التى انحسرت في عصر ما قبل التاريخ الحديث، كما أن تشكيلات الجبال والوديان بروضاتها وفيضاتها وحركة الكثبان الرملية تأخذ بلب السائحين، فضلا عن الاستمتاع بمشاهدة الطيور والنباتات وبقية مقومات الحياة البرية التي تعد ذات قيمة عالية من الناحية العلمية والسياحية. ونظرا لأن سياحة البراري والصحاري السعودية تحقق المتعة والاستجمام لعشاقها وتوفر دخولا عالية للمستثمرين فيها، فقد عملت هيئة السياحة والتراث الوطني بالتعاون مع العديد من الجهات الحكومية على تشجيع هذا القطاع بدعم المستثمرين لإقامة القرى والمنتجعات والمهرجانات ذات العلاقة بالطبيعة الصحراوية كما في القصيم وحائل والعلا والجوف. ولكن من المهم جدا مراعاة أن الصحراء لا تعني الفراغ والاتساع الذى يستوعب الممارسات البشرية بكل سلبياتها، بل على العكس تماما فالبراري عبارة عن أنظمة بيئية هشة وذات حساسية وتتوازن مع بعضها البعض فى نظام طبيعى دقيق، والإخلال به سيقود حتما إلى تدهور لا يمكن إيقافه. فاستمرار الصيد الجائر على سبيل المثال سبب في اختفاء وانقراض كثير من الكائنات البرية، والاحتطاب الجائر والعبث بالسيارات في الكثبان الرملية سيقود لمزيد من التصحر والظروف الصحراوية الجافة، وتدمير قمم الجبال وجرف الوديان بهدف العمران والاستثمار السياحي غير المدروس سيتسبب في انجراف التربة وتعريتها وما يتبع ذلك من جريان محتوم لمياه الأمطار والسيول بالشكل الذي يهلك معه الحرث والنسل.. فوزارة الزراعة وهيئة السياحة وأمانات المناطق أمام مسؤولية وطنية في ضبط سياحة البراري والصحاري قبل أن يدمرها العابثون. د. أحمد أبو عمرو الغامدي