لم يكن مفاجئا للناس أن وزير الصحة خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده لإعلان نتائج التحقيقات في كارثة مستشفى جازان، أعاد على أسماعهم ما كان قد صرح به منذ اليوم الأول، وهو أن وزارته هي المسؤولة عما حدث لسماحها بتشغيل المستشفى وهو غير مستوف لمتطلبات السلامة، كما لم يكن مفاجئا أيضا إعلانه أن الوزارة رأت إعفاء بعض المسؤولين في صحة جازان من مناصبهم، بناء على التحقيقات التي أشارت إلى تهاونهم في متابعة ملف السلامة. كان الناس يتوقعون سماع ذلك، ما لم يكونوا يتوقعونه، وكانوا في لهفة لسماع شيء عنه، هو معرفة الإجراءات الجديدة الحازمة التي ستتخذها الوزارة لتفادي تكرر تلك الأخطاء البشرية التي تحدث نتيجة تهاون بعض المسؤولين في القيام بواجبهم وتكون سببا في وقوع الكوارث كما ذكر معاليه. إن الاعفاءات والحسم من المرتبات أو غيرها من العقوبات الموقعة على المقصرين والمهملين، هي وإن كانت جزءا مهما في برنامج الوقاية من تكرر وقوع الأخطاء، إلا أنها ليست كل شيء، وما زالت هناك خطوات أشد يجب أن تتخذ لضمان عدم تكرر وقوع التهاون من المسؤول، سواء في المستشفى المنكوب أو غيره من مستشفيات المملكة، فما الذي ستفعله الوزارة في هذا الشأن؟ مثلا ما الإجراءات التي ستتخذها للحد إن لم يكن القضاء على تراخي وتهاون بعض موظفيها في متابعة أعمال الصيانة الدورية لأنظمة أجهزة السلامة ومخارج الطوارئ وغيرها؟ إن ما ذكره الوزير من إجراءات وقائية ستقوم بها الوزارة لتفادي تكرر وقوع كوارث مماثلة، كالبدء بتدريب منسوبي مستشفيات الوزارة على أعمال السلامة خلال أسبوع من الآن، أو القيام بمسح شامل لجميع مستشفيات الوزارة لتقييم وضعها من حيث تلبية جميع قواعد السلامة خلال الثلاثة أشهر القادمة، هي بلا شك خطوات مطلوبة، بل لعلها من البديهيات الأساسية التي كان من المفترض تطبيقها منذ زمن، وتشكر الوزارة على الالتفات إليها، لكن هذا وحده لا يكفي لتفادي الأخطاء البشرية التي غالبا تكون سببا رئيسا في وقوع الكوارث، فهل لدى الوزارة خطة حازمة للحد من تهاون بعض المسؤولين في القيام بواجبهم في الإشراف والمتابعة والمحاسبة؟. [email protected]