أعلن وزير الصحة المهندس خالد الفالح أمس، نتائج التحقيقات المتعلقة بالحريق الذي اندلع في مستشفى جازان العام منتصف شهر ربيع الأول الماضي، ووصف الوزير الحادث ب»العرضي» ولا شبهة جنائية ورائه، لكن الوزير اعترف في الوقت نفسه بأخطاء هندسية في تصميم المبنى وتنفيذه، وخلل في أداء بعض أنظمة وأجهزة السلامة في المستشفى ما زاد عدد الوفيات. كما كشف الوزير الفالح عن تهاون مسؤولين في الشؤون الصحية، فيما يخص متابعة أمور السلامة وعليه أصدر قراراً باعفائهم من مناصبهم. والتقى أمير منطقة جازان محمد بن ناصر، وزير الصحة المهندس خالد بن عبد العزيز الفالح، أمس في مكتبه، لمراجعة تقرير اللجنة التي تولت التحقيقات المتعلقة بالحريق. وكشف التقرير، أن الحادث كان عرضياً ولا شبهة جنائية وراؤه، وأرجعه إلى تماس كهربائي بمحيط قسم الحاضنات داخل الدور الأول بالمستشفى. وتوصلت اللجنة التي شكلها أمير جازان للتحقيق في الحادث إلى أن العاملين في المستشفى تمكنوا من إخلاء جميع المرضى ممن كانوا في الدور الأول الذي يشمل أقسام الحضانة والولادة و النساء والعناية المركزة، لكن كثافة الدخان وتصاعده إلى الأدوار العليا أدى إلى وقع الوفيات في تلك الأدوار بسبب الاختناق بالدخان. ويعود السبب الرئيسي لتصاعد الدخان الذي أدى لوقوع الوفيات طبقاً للتقرير إلى وجود أخطاء هندسية في تصميم المبنى وتنفيذه، حيث لم توفر قطاعات لعزل الحرائق فوق السقف المستعار، التي كانت ستحول دون انتقال الدخان من منطقة إلى أخرى. وبيّن التقرير أن سقف المبنى احتوى على مادة الفلين المحشو بين أعصاب السقف الخرساني ما ساعد على كثافة الدخان، وكذلك فإن رداءة المواد المستخدمة في تمديدات الأكسجين من أعلى السقف وعدم مطابقتها للمواصفات الصحيحة أدى إلى ذوبانها مما أجج الحريق. كما ساهم عدم ربط نظام الإنذار عن الحريق بنظام التكييف إلى استمرار التكييف في العمل وزيادة انتشار الدخان في المبنى، وتجري مراجعة كل ما يتعلق بإنشاء واستلام المبنى، وستتخذ الإجراءات القانونية الصارمة تجاه كل من كان له دور في سوء التصميم والتنفيذ. وتوصلت التحقيقات أيضاً إلى أنه لم تكن أي من أبواب الطوارئ مقفلة أو موضوعاً عليها أية سلاسل، كما تبين عدم وجود ما يعيق الوصول إليها، إلا أنه تبين أيضاً وجود خلل في أداء بعض أنظمة وأجهزة السلامة في المستشفى كمضخات الحريق ونظام الإنذار، نتيجة لضعف صيانتها والعناية بها. وقال وزير الصحة: «نظراً لما تبين من وجود تهاون في متابعة أمور السلامة من قبل بعض المسؤولين في الشؤون الصحية بجازان، فستتم محاسبتهم نظامياً على ذلك». وأصدر الوزير تعليماته بإعفاء مدير عام الشؤون الصحية في جازان من منصبه، وكذلك إعفاءات لمسؤولين آخرين هناك. وقال التقرير، إنه رغم الجهود البطولية التي أبداها معظم العاملين في المستشفى في أعمال الإخلاء، إلا أن هناك تقصيراً في أداء بعض العاملين في المستشفى خلال التعامل مع الحادث، وسيتم التعامل معهم وفق الأنظمة. وبين التقرير أن الدفاع المدني استجاب للحادث على الفور، إلا أن تجاوبه وفاعليته لم يكن بمستوى حجم الحادث تطلب معدات إضافية من مناطق أخرى في جازان، مما أثر على سرعة التعامل مع الحادث. وأكد أمير منطقة جازان على ضرورة توفير جميع شروط السلامة على أعلى المستويات في مرافق وزارة الصحة، بما في ذلك التصاميم الهندسية والنظم والأجهزة وتدريب العاملين، وضمان اتخاذ كل السبل للحيلولة دون تكرار هذا الحادث الأليم. وشدد على وجوب الإسراع في تشغيل المستشفى لدوره الهام في الخدمات الصحية بالمنطقة، وأكد أن من الضروري أيضاً توفير الطاقة السريرية اللازمة في هذه المنطقة الغالية من بلادنا ورفع مستوى الخدمات الصحية فيها. كما شدد أمير جازان على ضرورة تعزيز خطط الاستجابة للطوارئ والكوارث في المنطقة، وتوفير كافة متطلباتها من المعدات والتدريب، وإجراء التجارب الافتراضية وغيرها. وأكد أن إمارة جازان ستزيد من تفعيل مركز الطوارئ الموجود فيها، وطالب جميع الجهات الحكومية المعنية في المنطقة بتوفير أعلى مستويات التنسيق مع المركز. ونبه إلى ضرورة قيام جميع الجهات الحكومية في المنطقة، وفي مقدمتها وزارة الصحة بتقويم مستوى السلامة في مرافقها ووضع الخطط لتدارك أية نقص أو خلل قد يكون فيها. وأشار وزير الصحة إلى أن الوزارة ستبذل أقصى ما تستطيعه لضمان توفير الخدمات الصحية المناسبة لمنطقة جازان، وأنها عمدت أحد المكاتب الاستشارية بإجراء الاختبارات للتأكد من سلامة المنشأة وإعداد المواصفات الفنية المطلوبة في خلال 8 أسابيع، وذلك لترميم وتأهيل المستشفى بما في ذلك شبكة إنذار الحريق وإطفاء الحريق، وكافة متطلبات السلامة الأخرى، للبدء في هذه الأعمال بأسرع ما يمكن. كما سيتم تعيين مدير لإدارة الأمن والسلامة بالمنطقة، وأكد الوزير أنه قد قام بزيارة ميدانية مع قيادات المشاريع في الوزارة لتفقد مشاريع المستشفيات في جازان، التي تبلغ سعتها 1050 سريراً، وتشمل المستشفى التخصصي ومستشفى النساء والولادة ومستشفى الدرب ومستشفى العارضة، وقد تم وضع خطة لتسريع إنجاز هذه المشاريع وتذليل كافة الصعوبات ليتم الانتهاء منها في أسرع وقت وعلى أعلى مواصفات السلامة والجودة. وأكد وزير الصحة، أن السلامة في المرافق الصحية تأتي في مقدمة أولويات الوزارة، وأنه قد تم تحديد ثلاث بيوت خبرة عالمية معروفة ستقوم بالمراجعة الدقيقة والكاملة لجميع المنشآت الصحية الحكومية بالمملكة للتأكد من سلامتها هندسياً وسلامة نظمها، وستكون الأولوية لمنطقة جازان، وسيكتمل المسح خلال 6 أشهر ويتم بناءً عليه تنفذ الخطة التصحيحية، كما سيتم فصل عقود الأمن والسلامة عن عقود الصيانة لكافة المنشآت، مما سيساعد في النهوض في هذا الجانب. وبين وزير الصحة، أن الوزارة مصممة على المضي قدماً في برنامجها التدريبي الذي بدأ قبل عدة شهور، لتدريب كافة العاملين بمرافق الوزارة في خطط الإخلاء والتعامل مع الكوارث الداخلية، وحرصاً من الوزارة على تقديم أفضل الخدمات والتجارب العالمية فيما يخص الاستجابة للطوارئ والكوارث، فقد قامت باستقطاب كوادر وطنية ذات تأهيل عال ومتخصصة في مواجهة الطوارئ والكوارث، وستتم بناءً عليه مراجعة خطط الكوارث وآلية الاستجابة والإنقاذ والتدريب على ذلك، وسيكون التركيز بشكل خاص على منطقة جازان والمناطق الحدودية، وسيباشر فريق متخصص في تدريب الطواقم الطبية والطواقم المساندة التدريب على أعمال الإطفاء والإخلاء والمواد الخطرة والأمن والسلامة الكهربائية في جازان في الأسبوع القادم. وكرم أمير منطقة جازان أهل المرحوم إبراهيم القللي الذي ضحى بحياته في سبيل إنقاذ المرضى في المستشفى خلال الحريق، وكان سبباً لنجاة عشرة منهم. كما كرم وزير الصحة ستة من العاملين في وزارة الصحة لما أبدوه من روح الفداء خلال الحادث، حيث لعبوا كذلك دوراً أساسياً في إخلاء المرضى، بما فيهم أولئك الذين كانوا في أقسام الحاضنات والولادة والعناية المركزة بكل تفاني وتضحية، وهم أميرة إسماعيل إسماعيل، أبو القاسم محمد نوحي، حسن علي الأمير، نوال علي هاشم، مها حسين حكمي، نجود إبراهيم حمود.