ماذا لو أن الألماني غوتزة لم يسدد طعنته القاتلة في خاصرة راقصي التانجو في نهائي مونديال البرازيل، وماذا لو أن ميسي ورفاقه نجحوا في ترويض البطولة العالمية وأفلحوا في تحقيقها بعد عقدين من الغياب، وماذا لو أن البرغوث ليونيل رفع كأس العالم للمرة الأولى سيرا على نهج قدوته ماردونا والأسطورة البرازيلي بيليه؟ تساؤلات تطفو على مياه الحسرة التي غرق فيها ميسي ومحبوه مع كل رقم جديد يضافه إلى رصيده القياسي، وكل لقب ينجح في التحليق به فوق هامات الكبار والعمالقة.. ميسي.. شاعر فاخر يكتب القصيد على ملاعب الكرة، وموسيقار أنيق يطرب خصومه قبل الرفاق مطوعا قدميه للعزف على أوتار المتعة، وخارق فوق العادة عاد أخيرا لترقيص الكرة ذهبية لمرة خامسة متخطيا نفسه وأساطيرا باتوا على وشك التواري خلف بريقه الساطع وأرقامه الصعبة، إذ بقي عليه تحقيق الكأس العالمية ليبلغ أسمى درجات كرة القدم ويتوشح أرفع أوسمتها. ماذا بقي للبرغوث.. إذ لم يترك رقما قياسيا إلا حطمه، وهدفا بعيدا المنال إلا أصابه؟ فبات عدا هدفه الوحيد، يراقص التفاصيل الدقيقة رغبة في تحطيمها والنأي عن منافسيه بلقب تلو آخر.. بلا شك ودون جدال فإن كأس العالم هي الحصانة الوحيدة لأساطير الكرة الذين تفقوا عليه، وقدر ميسي أن ذلك المنجز لا يتأتى بغير جهد جماعي وبمشاركة نجوم فوق العادة، لذا فإن المونديال المقبل سيكون فرصته ربما الأخيرة للرقص مع التانجو في بحر الأرقام، وهو ما عززه بتصريحه الواضح إذ يرى أن التتويج بلقب أفضل لاعب في العالم 5 مرات لا يرضي رغبته في قيادة بلاده إلى الألقاب بعد أن أصابته الخيبة مرتين في عامين على التوالي، في 2014 حين خسر نهائي مونديال البرازيل أمام ألمانيا و2015 حين خسر كوباأمريكا أمام تشيلي، إذ كان رده حول إذا ما خير بين جائزة أفضل لاعب في العالم 5 مرات أو كأس العالم، بالقول «كأس العالم، فالجوائز الجماعية أهم من الجوائز الفردية، كأس العالم تشكل هدفا لكل لاعب، وهي حقا ذروة الذروة». للمرة الخامسة في مسيرته يحقق ليو الكرة الذهبية، مستعيدا العرش من غريمه في ريال مدريد النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو الذي توج باللقب في العامين الماضيين (إضافة إلى عام 2008) بعد أن ناله النجم الأرجنتيني في أربع مناسبات متتالية بين 2009 و2012 حين أصبح أول لاعب يحقق هذا الإنجاز متفوقا على الهولنديين يوهان كرويف (1971 و1973 و1974) وماركو فان باستن (1988 و1989 و1992) ورئيس الاتحاد الأوروبي الموقوف حاليا الفرنسي ميشال بلاتيني (1983 و1984 و1985). وكتب ميسي صفحة جديدة في مسيرته الأسطورية بإحرازه مع الفريق الكاتالوني خماسية دوري أبطال أوروبا والدوري والكأس المحليين والكأس السوبر الأوروبية، إضافة إلى كأس العالم للأندية التي لم تدخل في الحسابات كون باب الاختيار أغلق قبل إقامة هذه المسابقة. وحقق «البرغوث» الأرجنتيني الذي لم تفلت منه إلا كأس السوبر الإسبانية. إنجازات كبيرة على الصعيد الشخصي فأنهى الموسم في صدارة ترتيب الهدافين أوروبيا مشاركة مع رونالدو (10 أهداف لكل منهما). وحل ثانيا في الدوري المحلي برصيد 43 هدفا خلف رونالدو (48 هدفا)، وسجل 53 هدفا في مختلف المسابقات عام 2015. ميسي الذي أعطى السعادة لكل الكاتالونيين والبرشلونيين على نحو خاص، يبحث عن خيط رفيع يضعه فوق نجوم الكرة وقد يبتسم له الحظ إن صلح حال منتخب التانجو وتخطى لعنة الحظ.