عندما نتحدث عن أفضل لاعب في العالم و البديل الشرعي لأسطورة كرة القدم، فلا بد أن يكون محور حديثنا عن الفائز بالكرة الذهبية 2009 الذي لا يمكن لأي عاشق لراقصي التانجو نسيانه، إنه البرغوث القاتل الذي يَصعب إصطياده "ليونيل ميسي". بدأ مسيرته في قطاع الشباب لنادي نيويلز أولد بويز الأرجنتيني بين عامي 1995 و 2000، حتى نجحت محاولات والده في تسويقه في أوروبا ليقتنصه برشلونة مؤمنًا له الدواء اللازم لتعزيز هرمونات النمو، و ذلك في ظل معاناته من مشكلة نقص هرمونات النمو مما عرقل نمو بنيته البدنية بشكل كبير في طفولته. المثير في قصة رغبة إحتراف ميسي والخضوع للعلاج في إحدى الأندية الاوروبية، تعرضه للرفض من رئيس نادي "كومو" الإيطالي السيد "إنريكو بريزيوسي" -رئيس جنوى الحالي- الذي قال أن ميسي لا يصلح للعب كرة القدم لعدم تمتعه بصفات اللاعب الاوروبي القوي، وكان نادي كومو يلعب في دوري الدرجة الثانية عام 2000 وقرر ميسي بعدها التوجه إلى برشلونة ونجحت عملية علاجه لينفجر في اللا ليجا الإسبانية. استطاع ليونيل ميسِّي أن يجد مكانًا له في التشكيل الأول للبلاوجرانا في موسم 2004-2005، ليكون أصغر لاعب يُشارك في تاريخ الدوري الإسباني "لا ليجا"، و تحديدًا في ديربي كاتالونيا ضد إسبانيول في يوم 16 أكتوبر من عام 2004. كما أصبح أصغر لاعب يسجل الأهداف في تاريخ اللا ليجا في نفس الموسم الذي تُوج فيه الكاتالونيين بلقب الدوري حينما وضع الهدف الثاني لفريقه في الدقيقة 88 من المباراة ضد ألباسيتي في يوم 1 مايو من عام 2005 (قبل أن يكسر بويان كركيتش هذا الرقم القياسي عندما سجل هدفه الأول في اللا ليجا في موسم 2007-2008). بدا عليه التطور الكبير في الموسم التالي، حينما استطاع أن يُقارع الفرنسي لودوفيك جولي على مركز الجناح الأيمن سواء في بطولتي الدوري الإسباني و دوري أبطال أوروبا، و هما البطولتان اللتان استطاع البرسا تحقيقهما في النهاية في موسم شارك فيه في 25 مباراة ما بين دوري و كأس و دوري أبطال، مُسجلًا ثمانية أهداف و صانعًا 4 أربعة أهداف لزملائه، كما استطاع الحصول على الجنسية الإسبانية في يوم 25 سبتمبر من عام 2005. لكن المؤسف في ذلك الموسم هو عدم استطاعة ميسِّي إكمالف المشوار حتى نهايته في ذلك الموسم بعدما تعرض لإصابة أنهت موسمه في يوم 7 مارس من عام 2006 في إياب الدور الثاني من دوري الأبطال ضد تشيلسي، حينما تعرض لمزق عضلي في فخذه الأيمن. في موسم 2006-2007، فرض ميسِّي نفسه بشكل نهائي على التشكيل الرئيسي للبرسا، لكن الإصابة لم تتركه و شأنه في ذلك الموسم أيضًا، حيث أصيب لمدة ثلاثة أشهر في مباراة ضد ريال سرقسطة في مطلع شهر نوفمبر. و بالرغم من ذلك، فلا يمكن للجميع نسيان الهاتريك التاريخي الذي سجله في مرمى ريال مدريد في الكلاسيكو بتاريخ 11 مارس 2007، ليُصبح أصغر من يُسجل في تاريخ الكلاسيكو و كذلك أول من يُسجل ثلاثة أهداف في الكلاسيكو منذ ثلاثية الهليكوبتر التشيلي إيفان زاموراني في مرمى برشلونة في موسم 1994-1995. ذلك الموسم شهد تأكيدًا على أن تلقيبه بمارادونا الجديد لم يكن مبالغة، حيث استطاع تقليد أسطورة كرة القدم دييجو أرماندو مارادونا في أشهر هدفين سجلهما طوال تاريخه، حيث سجَّل هدفًا مشابهًا تمامًا لهدف مارادونا الثاني الذي سجله في مرمى المنتخب الإنجليزي في كأس العالم عام 1986 و الذي لُقِّب بهدف القرن، و ذلك في مباراة ضد خيتافي في كأس إسبانيا بعدما مر من خمسة لاعبين قبل أن يمر من الحارس و يسجل في الشباك الخالية. أما هدفه الثاني و الذي كان في مرمى إسبانيول فكان مشابهًا لهدف مارادونا الأول في مرمى الإنجليز خلال نفس المباراة، حيث قام ميسِّي باعتراض كرة عرضية بيده عوضًا عن تسديدها برأسه، لتدخل المرمى شباك الحارس الكاميروني كارلوس كاميني. أما الموسم التالي، فقد شهد ترشيحه لجائزة أفضل لاعب في العالم عن عام 2007 و كذلك الكرة الذهبية، و كان ثانيًا خلف ريكاردو كاكا في كلتا الجائزين (و ثانيًا في كلتا الجائزتين أيضًا لحساب كريستيالنو رونالدو في العام التالي)، لكن هذا الموسم كان كسابقه حيث خرج برشلونة منه خالي الوفاض تمامًا من أي بطولة، ليقوم البلاوجرانا بإقالة المدرب الهولندي فرانك ريكارد و تعيين الإسباني الشاب جوزيب جوارديولا سالا مدربًا للفريق. و بالفعل، أصبح أداء البرسا مختلفًأ تحت قيادة بيب، و انفجر ميسِّي تهديفيًا بشكل مجنون ليُسجل 38 هدفًأ في 51 مباراة، ليقود فريقه للفوز بالثلاثية التاريخية التي أكملها لتُصبح سداسية في الموسم المنقصي بعد الفوز بكأسي السوبر الإسباني و الأوروبي و كأس العالم للأندية، كما استطاع أيضًا الفوز بلقب الدوري الإسباني و أيضًا لقب هداف أوروبا بتسجيله 34 هدفًا في 35 مباراة في الدوري الإسباني. على الصعيد الدولي، فقد كان ميسِّي أحد ركائز فريق الشباب تحت 20 عامًا و الذي فاز بلقب كأس العالم في عام 2005، و هي البطولة التي حصل فيها على جائزة أفضل لاعب. أما بدايته مع المنتخب الأرجنتيني الأول فكانت في 17 أغسطس عام 2005 في مباراة ودية ضد المنتخب المجري، في مباراة تعرض فيها للطرد بعد دقيقتين فقط من نزوله كبديل، و ذلك بعض نطحه المدافع فيلموس فانتشاك. ليونيل شارك أيضًا في عدة مباريات مع منتخب بلاده في تصفيات كأس العالم 2006، ليكون أحد اللاعبين اللذين ساهموا في وصول منتخب بلادهم إلى المونديال الألماني و الذي خرج منه المنتخب الأرجنتيني في الدور ربع النهائي على يد أصحاب الأرض. في العام التالي كانت المشاركة في الكوبا أميريكا، و التي توقع الجميع فيها للمنتخب الأرجنتيني فيها العودة لإحراز البطولات الرسمية منذ البطولة الأيخة و التي كانت كوبا أميريكا عام 1993. و بينما كان المنتخب الأرجنتيني يشق طريقه بقوة لإحراز اللقب بانتصارات عريضة على المنافسين، تعثر ميسِّي و رفاقه بشكل غير متوقع أمام المنتخب البرازيلي - الذي افتقاد للعديد من النجوم - في نهائي البطولة و خسروا بثلاثية نظيفة توجت السيليساو بطلًا للبطولة. إلا أن ميسِّي استطاع مع بقية زملائه في منتخب الأرجنتين الأولمبي رد الهزيمة بنفس النتيجة للمنتخب البرازيلي في نصف نهائي دورة كرة القدم في أولمبياد بكين عام 2008، و هي الدورة التي شارك فيها ليو بعد جدل أثير بين برشلونة و الاتحاد الأرجنتيني بسبب عدم رغبة ناديه في التخلي عنه. و قد استطاع الفوز مع منتخب بلاده بتلك الدورة بهدف زميله أنخيل دي ماريا في مرمى نيجيريا في المباراة النهائية. هبط أداء ميسِّي بعض الشيء مع المنتخب الأرجنتيني خلال تصفيات كأس العالم 2010، خاصة مع تولى دييجو مارادونا مهمة تدريب راقصي التانجو و هبوط مستوى الفريق بأكمله بسيبب عدم وضوح خطط أسطورة كرة القدم. إلا أن هذا الأمر لم يمنع جوهرة برشلونة من المساهمة في التأهل الصعب للغاية إلى المونديال الأفريقي. لكن السؤال الأهم و الأكثر إلحاحًا الآن هو كيف سيقوم مارادونا بتفجير موهبة و قوة النجم الأرجنتيني مع الألبيسيليتسي في كأس العالم، خاصة في ظل هبوط مستوى ليو بشكل مستمر مع المنتخب على عكس البرسا؟ مارادونا لطالما انتُقِدَ لعدم قدرته على الحصول على أفضل العطاءات من ميسِّي بين صفوف المنتخب الأرجنتيني، خاصة مع الضغوطات الكبيرة التي يحملها النجم الأرجنتيني الشاب مع غياب صانع الألعاب الأرجنتيني خوان رومان ريكيلمي بسبب خلافات مع مارادونا. الحل قد يكون بسيطًا بعض الشيء، و هو تكرار سيناريو كأس العالم عام 1986 عبر الدفاع و الدفاع جيدًا و ترك البقية لميسِّي. هل سينجح هذا الأمر؟ ربما، لكن سيكون على ميسِّي تقديم أفضل ما لديه من أجل صناعة اللعب لزملاءه اللذين يُشكلون أقوى خط هجوم في البطولة.