سادت أمس، حالة من الرضا والارتياح في قاعات الاختبارات بعد أن ازدانت جدرانها بصور شهداء الوطن الذين افتدوا بلادهم بدمائهم الزكية. وبددت صور البواسل عوامل القلق في أوساط الطلاب الذين انكبوا على أوراق الأسئلة مستلهمين تضحيات الجنود المدافعين عن ثوابت البلاد وخيراتها. وبدا ذلك واضحا في عيون أبناء الشهداء، إذ بثت الصور الجدارية في وجدانهم كل عوامل الثبات والفخر بما قدمه الآباء من تضحيات، ليأتي جيل الأبناء لاستلهام الدروس والعبر، فاستسهل المختبرون تعقيدات الاختبارات كما استسهل الشهداء دماءهم رخيصة من أجل الوطن. لم يكن صعبا على طلاب قاعات الاختبارات استذكار أسماء من زانت المدارس وجدرانها بهم، فقد خبروا الشهداء، وعرفوهم، ليس من خلال سيرهم العطرة في حياتهم فحسب، وإنما من قصص البسالة والفداء وهم يسطرون أروع ملاحم البطولة أثناء مواجهتهم للحوثيين وأنصار المخلوع صالح في الحد الجنوبي، ولعل أبهى صورة لذلك ما قاله أحد الطلاب في المنطقة الجنوبية «لا نشعر بقلق الاختبارات، ولا نعاني من إشكاليات في الاستذكار والمراجعة، نحن على يقين أن جنودا بواسل نذروا أنفسهم للسهر من أجلنا وحمايتنا من كل يد آثمة». في مدرسة الملك عبدالعزيز الثانوية في مكةالمكرمة، بادرت إدارتها بتزيين قاعاتها الاثنتي عشرة بصور البواسل، وقال قائد المدرسة محمد خفاجي وهو يشير بيده اليمنى إلى صورة شهيد «هو رمز البسالة مع زملائه، ضحى بنفسه دفاعا عن وطننا، ومن واجبنا كأسرة تعليمية في ثانوية الملك عبدالعزيز تعريف أبنائنا بالسيرة العطرة للرجال البواسل لنغرس في نفوس الجيل الجديد قيم الولاء والانتماء والتضحية من أجل الوطن، إنها رسائل تربوية للطلاب ولجميع العاملين في الحقل التعليمي، والمبادرة هي أقل من يمكن تقديمه تعبيرا عن وفائنا للشهداء». في أحد رفيدة بمنطقة عسير، وهي المنطقة غير البعيدة عن الحد الجنوبي، جملت ذات الصور قاعات الاختبارات في مدرسة الفواز وكانت مشاعر الطلاب، باعتبارهم الأقرب إلى ساحة البطولات، خليطة بين الفرح والطمأنينة، وقد خبروا الشجاعة والإقدام في الجنود البواسل الذين يسهرون على راحتهم، وكأن الصور التي ازدانت بها الجدران تطمئنهم أن لا شيء لا يدعو إلى القلق ورجال الثغور أعينهم لا تنام ووجدت البادرة ارتياحا واسعا وسط الآباء وأولياء الأمور الذين وصفوا الخطوة بأنها قيمة وطنية مضافة تستحق التقدير والثناء. في ثانوية الشيخ محمد بن عثيمين التي تتبع لإدارة تعليم محافظة وادي الدواسر، كانت الصورة أبهى إذ أطلقت الإدارة أسماء الشهداء على كل لجان الاختبارات، الأولى باسم الشهيد المقدم سعيد معتوق العمري، الثانية للشهيد العريف عبدالله سعيد العبدلي، الثالثة للشهيد العريف فهد هزاع المخاريم الدوسري، الرابعة باسم الشهيد النقيب مظلي صاعقة خالد عبدالرحمن آل زاحم، الخامسة للشهيد الرقيب عبدالرحمن محمد الأحمري، السادسة باسم الشهيد الجندي حسين جبرن المالكي، السابعة للشهيد العريف إبراهيم نافع العسيري، والثامنة باسم الشهيد الملازم الأول مظلي عبدالله سليمان الربيعان. وقال قائد المدرسة فراج محمد آل غلفض: إن إطلاق أسماء جنودنا البواسل على اللجان يأتي تخليدا لدور رجال الأمن وشهداء الواجب في الدفاع والفداء ولإبراز دورهم التاريخي وتخليد تضحياتهم. مضيفا أن الخطوة جاءت أيضا لتعميق الترابط والتلاحم بين أبناء الوطن ودور المملكة في الدفاع عن خيرات الأمة وعقيدتها.