«سيناريوهات بعيدة عن الواقع».. جملة أطلقها معظم أعضاء الشورى عند اطلاعهم على خطة التنمية العاشرة، خلال مناقشتها في جلسة أمس برئاسة رئيس المجلس الشيخ الدكتور عبدالله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ. وأكد الأعضاء على أهمية مراجعة الخطة وفقا للتطورات الاقتصادية الأخيرة المتعلقة بأسعار النفط والبيانات الحكومية الأخيرة عن نسب البطالة والإسكان، مشيرين إلى أن تجارب الخطط التنموية السابقة يجب أن تنعكس على الخطة الحالية. وجاء رد رئيس اللجنة الاقتصادية على سؤال وجهه رئيس المجلس الدكتور آل الشيخ عن رغبته بإعادة الموضوع بأن بعض بنود الخطة تم تنفيذها من قبل بعض الجهات المعنية، وأن اللجنة ناقشت الخطة وطالبت بالمراجعة السنوية في ضوء التغييرات التي تطرأ، وأن الخطة ليس كما ذكر الأعضاء تعود إلى العام 2013م، بل تم الانتهاء منها في شهر 8 من هذا العام، وخلال هذه الفترة شهد البترول انخفاضا وقد يرتفع بعد خمسة أشهر، لذا يصعب الحكم عليها بغير الواقعية. ويرى الأعضاء أن تراجع أسعار النفط عالميا وما يترتب عليه من تراجع للإيرادات العامة منذ السنة الأولى للخطة يجعل تحديات تنفيذ الخطة كبيرة، خاصة أنها مقارنة بالتاسعة تستهدف معدلات نمو أعلى للناتج المحلي الإجمالي، ومستويات إنفاق أكبر على مشاريع التنمية، موضحين أن الانحراف في أسس بناء مشروع الخطة يتضح من توقعها حدوث عجز طفيف في السنة الأخيرة منها، فيما يفيد بيان الموازنة العامة للدولة أن العجز بلغ (54) مليار ريال عام 2014، وتوقع أن يصل إلى (145) مليار ريال، ويلاحظ أن العجز بدأ من السنة الأولى للخطة وليس العام الرابع كما تتوقع حسابات الخطة العاشرة، ويساوي هذا العجز 2.5% من إجمالي الناتج المحلي، بل تتوقع بعثة صندوق النقد الدولي التي زارت المملكة أن يرتفع هذا العجز إلى 20% من إجمالي الناتج المحلي هذا العام، وتباطؤ معدل نموه إلى نسبة 2.7%. وكانت وزارة الاقتصاد والتخطيط قد ذكرت أنها تتناقش حاليا مع وزارة المالية فيما إذا كانت أسعار البترول ستقلل من حجم الإنفاق على الخطة، مؤكدة أن الإنفاق على المشاريع الأساسية لن ينخفض بشكل كبير، لكن معدل النمو سيتأثر لأن المملكة جزء من العالم. وبين عضو المجلس عبدالرحمن الراشد أن الخطة حددت (2600) مليار ريال لتحقيق أهدافها، مشيرا إلى أنها ذكرت أنه في السنة الرابعة منها قد يحدث عجز طفيف، بينما الواقع يقول إنه حدث عجز بالفعل عام 2014م بلغ 54 مليار ريال، ويتوقع في 2015م أن يحدث عجز أكبر (145 مليار ريال)، كما أن سعر البترول انخفض خلال العام الماضي من (90-100) دولار إلى 40 دولارا، بنسبة 60%. واستغرب عضو المجلس الدكتور فهد بن جمعة، من صدور وثيقة من وزارة الاقتصاد مملوءة بالأخطاء الاقتصادية والنظرية والفنية، وقال «كنا نتوقع أن تأتي الوزارة بمؤشرات واقعية ترفع من توقعاتنا في وقت نحن بأمس الحاجة إليها مع تراجع أسعار النفط إلى 41 دولارا». واقترح الدكتور محمد آل ناجي أن تعيد وزارة الاقتصاد والتخطيط معايير بناء التقديرات المالية للخطة في ظل الموارد المالية المتوقعة، حتى تكون الخطة واقعية ويمكن متابعة تنفيذها، مضيفا: «أهداف الخطة طموحة ووضعت في صور مؤشرات نمو في الناتج المحلي قدرت ب5.8% بينما التوقع هو 3%، كما توقعت الخطة توظيف (626) ألف مواطن سنويا بينما الخطة التاسعة لم توظف هذا الرقم رغم النمو الاقتصادي، كما تتوقع الخطة تقليص البطالة 11.6% عام 2014ه إلى 5.1% عام 2019.. وتساءل كيف يمكن تحقيق ذلك ومعدل البطالة زاد في الخطة التاسعة ولم يستطع تخفيف البطالة بمعدل 1.3 سنويا». من جهته قال الدكتور مشعل السلمي: «يلاحظ زيادة الطاقة الاستيعابية للجامعات والكليات الحكومية من الطلاب المنتظمين إلى (1.3) مليون طالب وطالبة، فيما تستوعب الجامعات 85% إلى 90% من خريجي الثانوية العامة، في حين أن معدل المتوسط العالمي لاستيعاب خريجي الثانوية العامة في الجامعات يتراوح بين 35% و55%، ويتم توجيه بقية الخريجين إلى تخصصات فنية ومهنية وتقنية يحتاجها سوق العمل»، لافتا إلى أن معظم من يتم قبولهم في الجامعات يتم توجيههم إلى تخصصات نظرية لا يحتاجها سوق العمل الحكومي والخاص، لافتا إلى عدم مناسبة زيادة الطاقة الاستيعابية لقبول الطلاب والطالبات في الجامعات، مؤكدا أن توجيه الطلاب والطالبات للجامعات بهذه الأعداد وفي تخصصات لا يحتاجها سوق العمل سيوجد جيلا عاطلا من الشباب الجامعي. وأشار إلى أن هذا البرنامج التعليمي المقترح في خطة التنمية يتعارض مع توزيع نسب القبول لخريجي الثانوية العامة، يتمثل في أن تستوعب الجامعات 55%، وكليات المجتمع 15%، و25% للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني. وطالب الدكتور سعيد آل الشيخ بإعداد سيناريو أقرب للواقع، واقترح أن تراعي الخطة إعادة ترتيب الأولويات حسب الحاجة والقدرة الاقتصادية. وطالبت اللجنة بإعداد إطار للميزانية في المدى المتوسط لخمس سنوات يحدث سنويا، ووضع تصورات حول الإيرادات والنفقات ومعدلات النمو الاقتصادي في ضوء المتغيرات المحلية والعالمية.