اعتدنا في وضع خططنا الاستراتيجية لتطوير أعمالنا وتنميتها، على البحث عن الخبرة والخبراء لضمان نجاح العمل وبلوغ الأهداف، إيمانا منا بأن الخبرة وحدها تعد أحد أهم الطرق المؤدية إلى سفوح قمم النجاح. فالخبرة لا تأتي بتوصيات مسؤول ولا بوساطات قريب أو صديق وإنما تأتي نتيجة تراكمات لتجارب سابقة بمختلف دروسها. ولعلنا ندرك تماما بأن أكثر الناس نجاحا هم أكثرهم تجربة بل غالبية الناجحين جاؤوا من تجارب فاشلة. لذا خوض التجربة والاستفادة منها أمر مهم بل من أهم عوامل النجاح في الحياة العملية، حتى وإن لم يكتب لها التوفيق فيكفي أنها تساعدك أحيانا على حل الإشكالات التي تظن بأنه لا حل لها. ومن هذا المنطلق فإنني حرصت اليوم من خلال مقالي المتواضع على أن أسرد بعض الفوائد التي خرجت بها من تجربتي الإعلامية داخل منظومة اتحاد كرة القدم أو كما يحب البعض تسميته باتحاد عيد، على مدار ثلاثة مواسم شهدت العديد من التجارب والدروس أزعم بأنها أضافت لي الشيء الكثير على الصعيد المهني. لا شك أنني كنت سعيدا وأنا أجد نفسي مشاركا ضمن فريق أحمد عيد الانتخابي كأحد مستشاريه الإعلاميين في أولى الخطوات والتي تكللت بالنجاح، اعتلى على إثرها سدة رئاسة الاتحاد كأول رئيس منتخب للاتحاد السعودي. بعد ذلك رغب أحمد عيد وبقية أعضاء مجلس إدارته بتواجدي في اللجنة الإعلامية والتي لعبت فيها أكثر من دور، أولا كعضو ومن ثم نائب رئيس حتى انتهى بي المطاف رئيسا بالإنابة. ولعل من الشواهد التي خرجت بها من هذه التجربة، أنه ليس بالضرورة أن يكون مجلس إدارة الاتحاد من ذوي الكفاءات الإدارية العالية بقدر ما تكون الأهداف بين الأعضاء مشتركة حتى تدفعهم لوضع أيديهم في أيدي بعض لتحقيقها، فاختلاف الأهداف من سلبيات العمل. من تجربتي أيضا أن الشعور بالمسؤولية لا يكفي لإنجاح العمل الإداري بالاتحاد، وإنما ينبغي العمل بها، كما لا يمكن أن تدير كل الأمور بالديموقراطية أو تترك الحبل على غارب اللجان لعمل ما تشاء، فهناك تفاصيل تحتاج إلى قرار عاجل وحكيم يحفظ للمنظومة هيبتها وقيمتها، بدل أن تترك الأمور تعوم في مستنقعات إعلامية قبل حسمها. من تجربتي أن أحمد عيد من الشخصيات الرياضية التي تمتلك 90 % أو أكثر من مقومات رئيس الاتحاد، بل من أكثرهم حرصا وإخلاصا ووفاء، وأيضا أعضاء مجلس إدارته بما فيهم الأمين العام، ولكن غياب التوافق الفكري واختلاف النهج الإداري عطل قدراتهم وعرقل تعاونهم، فظهر النجاح على المستوى الفردي وغاب عن المستوى الجماعي. من تجربتي أيضا أنه لا يعني اتخاذ الإجراءات السليمة وتطبيق النظام داخل منظومة الاتحاد أنك ناجح، فهناك أطراف أخرى كالأندية والإعلام ووكلاء اللاعبين لا يتقبلون ذلك عندما يصطدم بمصالحهم الخاصة، فتضارب المصالح يجعل العمل منقوصا في عيون بعض الإداريين والإعلاميين الذين لا يرون في عمل الاتحاد الحالي إلا النصف الفارغ من الكوب مهما عمل واجتهد. من تجربتي أن من أهم اسباب اهتزاز الثقة في كثير من الأعمال الجيدة لدى الاتحاد، هو البحث عن إرضاء كافة الرياضيين مع أن رضاهم غاية لا تدرك.