الشيخ أحمد عطيف يحتفل بزواج ابنه المهندس محمد    "كريستيانو رونالدو" يعلق على تسجيله هدفين في " الديربي" أمام الهلال    الجيش الأوكراني: روسيا تنشر معلومات كاذبة بشأن هجوم صاروخي    رونالدو يعزز صدارته لهدافي دوري روشن للمحترفين    "أخضر الناشئين"يفتح ملف مواجهة تايلاند في كأس آسيا    العراق يدين استهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي لمستودع طبي ومدرسة في غزة    أموريم: لست مجنوناً لأفكر في فوز مانشستر يونايتد بلقب الدوري الإنجليزي    مدرب الهلال يعلن تحمل مسؤولية الخسارة    بعد رسوم ترمب.. الصين توقف إبرام اتفاق بيع تيك توك مع أميركا    ضبط (3) يمنيين في عسير لتهريبهم (66) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    «سلمان للإغاثة» يوزّع سلالًا غذائية في عدة مناطق بلبنان    رئيس هيئة الأركان العامة يستقبل قائد القيادة المركزية الأمريكية    التعاون يتفوق على الخلود والأخدود يغادر مراكز الهبوط    القبض على 8 إثيوبيين في جازان لتهريبهم (144) كجم «قات»    "دايم السيف"... الإرث والثراء الخالد    دي بروين يعلن رحيله عن مانشستر سيتي بنهاية الموسم وفولفسبورج يغازله    محمد واحمد الشعيفاني يحتفلان بزفافهما بالقصيم    إمام المسجد الحرام: الثبات على الطاعة بعد رمضان من علامات قبول العمل    إمام المسجد النبوي: الأعمال الصالحة لا تنقطع بانقضاء المواسم    بلدية رأس تنورة تختتم فعاليات عيد الفطر المبارك بحضور أكثر من 18 ألف زائر    قطار الرياض يحسّن تجربة السياح داخل العاصمة    العماد والغاية    نهضة وازدهار    إقبال كبير على الجناح السعودي في معرض بولونيا الدولي للكتاب    رؤية متكاملة لتنظيم سوق العقار    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    شكراً ملائكة الإنسانية    النوم أقل من سبع ساعات يوميًا يرفع من معدل الإصابة بالسمنة    بريد القراء    المَلّة والعريكة.. تزينان موائد عيد الطائف    ولي العهد والرئيس الإيراني يبحثان في اتصال هاتفي تطورات الأحداث في المنطقة    فرع هيئة الصحفيين بحفر الباطن يقيم حفل معايدة للإعلاميين والإعلاميات بالفرع    نجوم الفن العربي يتألقون في ليلة دايم السيف اليوم بجدة    السعودية تدين وتستنكر الغارات الإسرائيلية التي استهدفت 5 مناطق مختلفة في سوريا    المملكة تحقِّق أرقاماً تاريخية جديدة في قطاع السياحة    الملك وولي العهد يعزيان عضو المجلس الأعلى حاكم أم القيوين في وفاة والدته    مركز 911 يستقبل أكثر من 2.8 مليون مكالمة في مارس الماضي    نفاذ نظامي السجل التجاري والأسماء التجارية ابتداءً من اليوم    المملكة تستضيف "معرض التحول الصناعي 2025" في ديسمبر المقبل    المملكة تدين اقتحام وزير الأمن القومي الإسرائيلي للمسجد الأقصى    ودعنا رمضان.. وعيدكم مبارك    أكثر من 122 مليون قاصدٍ للحرمين الشريفين في شهر رمضان    العثور على رجل حي تحت الأنقاض بعد 5 أيام من زلزال ميانمار    الجيش اللبناني يغلق معبَرين غير شرعيَّين مع سوريا    الدول الثماني الأعضاء في مجموعة أوبك بلس يؤكدون التزامهم المشترك بدعم استقرار السوق البترولية    الأونكتاد: سوق الذكاء الاصطناعي يقترب من 5 تريليونات دولار    بلدية محافظة الأسياح تحتفي بعيد الفطر وتنشر البهجة بين الأهالي    الدفاع المدني: استمرار هطول الأمطار الرعدية على معظم مناطق المملكة حتى الاثنين المقبل    بلدية محافظة الشماسية تحتفل بعيد الفطر المبارك    أكثر من 30 فعالية في (٨) مواقع تنثر الفرح على سكان تبوك وزوارها    احتفالات مركز نعام بعيد الفطر المبارك 1446ه    وزارة الصحة الأمريكية تبدأ عمليات تسريح موظفيها وسط مخاوف بشأن الصحة العامة    ترحيب سعودي باتفاق طاجيكستان وقرغيزستان وأوزبكستان    طيفُ التوحدِ همٌ أُمَمِي    محافظ الطوال يؤدي صلاة عيد الفطر المبارك في جامع الوزارة ويستقبل المهنئين    باحثون روس يطورون طريقة لتشخيص التليف الكيسي من هواء الزفير    جمعية " كبار " الخيرية تعايد مرضى أنفاس الراحة    الأمير سعود بن نهار يستقبل المهنئين بعيد الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عراب ما بعد الحداثة
نشر في عكاظ يوم 17 - 10 - 2015

لم أكن أعرف أن الرجل سيموت، فور أن تصدر له ترجمتي لكتابه الأشهر (دورة ما بعد الحداثة)، وكان الفيلسوف الأمريكي، مصري الأصل، إيهاب حسن، قد توفّي يوم 10 سبتمبر الحالي، من دون ضجة كبيرة، لا في أمريكا، بلد مهجره منذ 1946، ولا في منبته، مصر، التي تمنى أن تصدر له فيها أيّ ترجمة لكتبه، بعدما تُرجمت لمعظم لغات العالم، ما عدا العربية.
كنتُ أول من نبّه إلى الرجل في الثقافة المصرية، إذ ترجمت له مقالة (أدب الصمت) ونُشرت بمجلة (إبداع) عبدالمعطي حجازيّ عام 1992، ومن بعدها نشرتُ له مقالة (ما بعد الحداثة: بيبليوغرافيا شبه نقدية) بمجلة (القاهرة) أيام غالي شكري رحمه الله، وتتالت ترجماتي. وكان إيهاب حسن عصياً منهكاً، إذ لم تكن هناك شبكة معلومات، وهو المغرم بالكتابة عن حركات أدبية وفنية غريبة أو محدودة، ونحت كلمات جديدة، واستخدام تقابلات تناصية مع كثير من النصوص الشعرية والروائية غير المترجمة للعربية، مما جعله مغامرة كبيرة في الترجمة وقتها. لكني واصلت حتى استطعت مؤخراً ترجمة ونشر كتابه الأهم (دورة ما بعد الحداثة)، في طبعة فقيرة نسبياً بالقاهرة، سيُعاد نشرها قريباً في دار نشر أكبر.
ومع أن الرجل قد عاش عمراً مديداً (1925/ 2015) أي 90 عاماً، وطبّقت شهرته الآفاق، إلا أنه لم ينل حظاً (عربياً) للأسف، فالكل (كما المُعيدي، تسمع به ولا تراه)، قد تجاهله، أو هو نصيب الثقافة العربية للأسف، أنها تهتمّ كثيرا بالمنجز الإبداعي العالمي، وقلما تهتم بالمنجز الفكري العالمي، وهو ما جعل اليابان (التي سافرت بعثتها إلى باريس، مع بعثة الطهطاوي المصرية) تتفوق علينا الآن بملايين السنين الضوئية، إذ اهتمت أكثر بالمنجز الفكري. ولا أدري، لربما كان أيضا لاتباعه المدرسة الأمريكية في الفلسفة دور، فمعظم أقرانه بل وتلامذته في فرنسا، قد تُرجمت لهم كتب كثيرة إلى العربية. يعد إيهاب حسن أول من سك مصطلح (ما بعد الحداثة) بالثقافة العالمية، عبر كتبه: (البراءة المتطرفة في الرواية الأمريكية/ أدب الصمت/ تقطيع أوصال أورفيوس/ نحو أدب ما بعد حداثيّ/ نيران برومثيوس/ دورة ما بعد الحداثة/ ذوات في خطر/ شائعات التغيير/ سؤال العدم)، إضافة إلى كتابين عن سيرته، أحدهما عن مصر والآخر عن اليابان، ثم اتجه مؤخراً إلى الكتابة الإبداعية حيث بدأ رواية، لم يتمّها، ونشر عدداً من القصص القصيرة.
أهمّ مفصليات كتابات إيهاب حسن تدور حول: التعريف بتقنيات ما بعد الحداثة، في الأدب والنقد والفلسفة واللاهوت، في الفيلم والمسرح والرقص والموسيقى والفنّ والعمارة، في التحليل النفسيّ والتاريخ إلخ. ولأن المرجعيات مضطربة ومتداخلة، وتدور معظمها حول مفهومَي: الانتهاك (أيّ التركيز على معامل الشرّ في الكلمات، وإشباع الرغبات على المدى القصير، والحدّ من القدرة على كسب الناس على مدى طويل، وجلب العالم في صفّنا) والرؤيوية (أيّ التملّص من المقدّس والدينيّ، والنزوع إلى تدمير العالم، والهزء بنهاية التاريخ أو العالم، مع الاحتفاء بالعنصر المِخياليّ في الأدب)، فهو يظلّ يلاحق حركة العقل، خاصة الغربيّ، لتوضيح الفروق الاستيهامية ما بين: شكلانية/ تراتبية الحداثة، في مقابل: لا شكلانية/ فوضوية ما بعد الحداثة. وهنا يقترح إيهاب حسن أن الإرهاص أو التنبؤ بما بعد الحداثة يتجلّى بصورته المثلى في رواية جيمس جويس (سَهرة فينيجانز)، حيث تحتشدُ فيها عناصرُ وأدبيات ما بعد الحداثة كافّةً: الحلم، المحاكاة الساخرة، اللّعب، التورية، الشذرة، الخرافة، التذكار، فنّ النفايات، استبطان الخطاب التهكّمي سواء في الصمت أو الضجة. كما يؤكد وجود تداخلات وتشابكات ودوائر متقاطعة، مع بعض النظريات الأخرى، من قبيل: ما بعد البنيوية، ما بعد التفكيكية، لكن يتعزز السخط أكثر في ما بعد الحداثة، نظراً لشيوع الإرهاب والاستبداد من ناحية، ومن ناحية أخرى الذات بمفهومها الوجوديّ وهي مأسورة تتعذّب بتخبّطها بين ما هو كليّ وما هو متفتّت أو شَذَريّ.
رحم الله الرجل، وعسى أن تكون مناسبة وفاته فرصة لاستعادة كتبه بالعمل على ترجمتها والاستفادة بمكنونات تفكيره العميق، لأجل مستقبل أكثر استنارة!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.