كل عام وأنتم بألف خير.. تعددت مسميات عيد الأضحى، ففي أغلب قرى الجنوب يسمونه (البهجة)، ويطلق عليه البعض العيد الكبير تميزا له عن عيد الفطر، وهو عيد يأخذ حضورا قويا ومبهجا في العالم الإسلامي، ولأنه يوم تذبح فيه الأضاحي، ويشبع فيه الجائع، فقد أطلقت عليه بعض الدول لقب (عيد اللحمة)، ودأب بعض الناس على إحضار خروف العيد من أيام مبكرة لتسمينه وتغذيته غذاء يزيد من شحمه ولحمه. وقد تفنن الكثيرون في تدليل هذا الخروف، فظهر مزينا بالورود والكتابات وقيلت فيه القصائد والتقطت له الصور المفرحة والمحزنة... وهناك من الخراف من تنبه للمصير المحتوم فهرب أو نطح أصحابه.. ومنذ أيام ورسائل الجولات محتفية بهذا المخلوق حتى أن البعض أقام مزادا ل(أزين) الخراف، وقد بلغ سعر أحدها 29 ألفا لو أن صاحبه ذبحه ووزع (لحمته) فسوف يصل الكيلو الواحد بألف ريال ولا أعرف بكم يمكن تسعير (المعاليق)... وظهر النكات والتهريج عما يمكن أن يحدثه ذبح الخراف من فقد.. حتى أن أحد الظرفاء قدم كاركاتيرا عما تجده النعاج من حزن وفقد لذكورها. ولأنه عيد (اللحمة) والفرح بها لدرجة تتجاوز حد الشبع ظهرت دعوة لتبديد تلك الفرحة، وكانت تلك الدعوة على أيدي وألسنة أطباء باحثين عن النكد وتذكير الناس بخطورة كل ما يأكلونه أو يشربونه على الصحة.. وفي كل موسم حج يتذكر الأطباء تحذيراتهم النائمة في أدراجهم، ويخرجونها للتذكير بأن لحوم الضان تحتوي على نسبة عالية من الدهون (الكُولِسترول)، وتحتاج إلى وقت كبير للهضم وتزداد خطورتها على مرضى الكلى والنقرس ومرضى القلب والمرارة والكبد، وأن هذا اللحم يتسبب أيضا في تصلب المفاصل، وأن أكل كميات كبيرة من لحم الضان يحمل ضررا كبيرا خاصة لمرضى السكر وأن مركبات هذا اللحم مشبعة يرتفع بها نسبة الكولسترول وتزيد حجم خلايا الدهون في الجسم مما يضر بالقلب ويسبب السمنة، وأن مشكلة الإكثار من اللحم المملوء بالدهن تتمثل خطورتها عند الهضم والامتصاص بواسطة الأمعاء، فهي تذهب مباشرة إلى الدم على هيئة حبيبات دهنية وهي شديدة الخطورة على مرضى تصلب الشرايين. ولا أدري لماذا ينتشر مثل هذا التحذير الصحي في وسائل إعلامنا بينما يعرف الجميع أن مواطنينا لا يستغنون عن اللحم والرز في أي مكان كانوا به، حتى تحولت الكبسة إلى أكلة عالمية لكون السعوديين منتشرون في كل بقاع العالم، ولا يشعرون أنهم أكلوا ما لم يتذوقوا الكبسة. واللحم والرز هما غذاءان خطيران كان على هيئة الغذاء والدواء المبادرة والمناصحة ومخاطبة كل الوزارات بأن تقوم بتوعية موظفيها أو قيام حملة وطنية وتعليق التحذيرات من مضار أكل اللحمة على باب كل مواطن. وأعتقد أن كل هذه التحذيرات من مخاطر تناول لحمة خروف العيد لن تجدي خاصة في الدول التي تنتظر وفرة اللحم بفارغ الصبر.. وعلى العموم فالأمراض منتشرة سواء كانت عن طريق خروف العيد أو عن طريقات بقية المواد الغذائية.. وفي كل الحالات لن يتقدم أو يتأخر عمر أي إنسان لكونه حريصا أو متهورا في الأكل أو سواه.. فكلوا قبل أن تأبى نفوسكم.. عام سعيد وكل سنة والخير عميم واللحمة وفيرة .!!