ينضم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- في موسم حج هذا العام إلى قائمة الشرف مع إخوانه الذين منَّ الله عليهم بخدمة الحرمين الشريفين ومسؤولية رعاية ضيوف الرحمن والاهتمام بهم، والسهر على راحتهم، والتواجد إلى جوارهم حتى يتموا مناسكهم بيسر وسهولة واطمئنان ويعودوا إلى ديارهم بحج مبرور وذنب مغفور. فقد أسس الملك عبدالعزيز -رحمه الله- منهجا ثابتا يجسد حجم الأمانة التي شرف بتحملها، توجه بمباشرة الإشراف ميدانيا على رعاية الحجيج، وحرص على قيادة موكب الحج على مدى 30 عاما من حياته حتى توفي، ولم يعتذر خلال تلك الفترة عن مواسم الحج إلا ست سنوات. وخلال فترة اعتذاره أناب في اثنتين منهما نائبه في الحجاز آنذاك الأمير فيصل بن عبدالعزيز، وأربع منها أناب ولي عهده الأمير سعود بن عبدالعزيز -رحمهما الله. وسار على نهجه أبناؤه من بعده، وحرص الملوك: سعود، فيصل، خالد، فهد، عبدالله، على الوقوف ميدانيا على رعاية الحجاج، والتواجد إلى جوارهم في المشاعر المقدسة. إن اهتمام المملكة وقادتها منذ أن وحدها الملك المؤسس قبل 85 عاما وحتى الآن، قصة ستظل تروى ما بقي بيت الله قائما، وطالما استمرت مواكب الحجيج تؤم الرحاب الطاهرة من كل فج عميق. فمنذ أن من الله على الملك عبدالعزيز بحكم الديار المقدسة كان الاهتمام ينصب على تنظيم الحج وتوفير المناخ الصحي للحجاج وتنقية الأجواء الأمنية وتيسير السبل التي تكفل لهم أداء الفريضة في راحة وأمن واطمئنان، كما أن المشروعات الإنمائية والاقتصادية والتخطيط للرقي بالخدمات التي تقدم لضيوف الرحمن مستمرة ولم تنقطع واعتبر ذلك النهج أمانة تسلمها أبناؤه من بعده. سجلت مسيرة الملك عبدالعزيز -رحمه الله- كيف كان يتصرف بتسامح ويقدم مصلحة المواطن وعموم المسلمين عندما أعلن اعتذاره عن أداء فريضة الحج في العام 1360ه، مبديا أسباب ذلك بكل شفافية في -وثيقة تاريخية- وهو حرصه على المحافظة على المال العام وتوفير بعض مصاريف الحج لكي تكون من نصيب المحتاجين من هذا البلد وكذلك تخصيص جزء من هذه الأموال لإعطائها المواطنين غير القادرين على الحج لكي يتمكنوا من أداء فريضتهم. وتم في عهد الملك المؤسس تنظيم الخدمات المقدمة للحجاج وتطويرها، حيث أمر بتوسعة الحرمين الشريفين وتأسيس المديرية العامة للحج وإنشاء المحاجر الصحية، وإيصال مياه الشرب للأماكن المقدسة، وتقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن والأماكن المقدسة، إذ بادر بوضع نظام للحجاج وأشرف بنفسه على تنفيذه ليضمن لهم أكبر قدر من الراحة والأمن والطمأنينة وحفظ أرواحهم وأموالهم، كما اتخذ من التدابير ما يمنع استغلالهم وفرض تعريفات بأجور عادية لنقلهم بين الأماكن المقدسة، وعمل على توفير مياه الشرب والأغذية وكل مستلزمات الحياة ووسائل الراحة لهم.