اعتنى الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله - منذ توحيد المملكة العربية السعودية، بأمور الحج والحجاج وأشرف بنفسه طيلة 30 عامًا على خدمة ضيوف الرحمن وتلبية مطالبهم، وتطوير الخدمات المقدمة، ومنها إنشاء مدرسة لتعليم المطوفين ونوابهم وكيفية التعامل مع الحجيج عام 1347 ه، وتخصيص طبيب لكل مقر بعثة حجاج لمعاينة المحتاج منهم عام 1344 ه، فضلاً عن اهتمامه بشؤون الحرم المكي وسقيا زمزم. ودأب -رحمه الله- على الاستفادة من موسم الحج والاجتماع مع القادة والشخصيات الإسلامية لبحث كل ما يهم مصلحة الأمة، فضلًا عن لقاء المواطنين وتلمس احتاجاتهم. وسجلت مسيرة الملك عبدالعزيز -رحمه الله- كيف كان يتصرف بتسامح ويقدم مصلحة المواطن وعموم المسلمين عندما أعلن اعتذاره عن أداء فريضة الحج في العام 1360 ه، مبديًا أسباب ذلك بكل شفافية في -وثيقة تاريخية- وهو حرصه على المحافظة على المال العام وتوفير بعض مصاريف الحج لكي تكون من نصيب المحتاجين من هذا البلد وكذلك تخصيص جزء من هذه الأموال لإعطائها المواطنين غير القادرين على الحج لكي يتمكنوا من أداء فريضتهم. الوثيقة أظهرت أن الأمير عبدالله الفيصل -رحمه الله- كتب برقية في ذي القعدة عام 1360ه -حينما كان أميرًا لمنطقة القصيم- بين فيها اعتذار الملك عبدالعزيز عن الحج في ذلك العام، وتوجيهه بتوزيع نفقة الحج على الفقراء، في الوثيقة المدرجة لدى الدارة. ونصت الوثيقة المدرجة لدى دارة الملك عبدالعزيز بتاريخ 6 جمادى الأولى عام 1394ه ، " بسم الله الرحمن الرحيم .. من عبدالله بن فيصل إلى جناب الأخ المكرم محمد العبدالله بن ربيعان.. سلمه الله.. بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،، نفيدكم أن الإمام حفظه الله قد عزم هذه السنة عدم الحج بنفسه، وقصد من ذلك توفير المصاريف التي يصرفها كل سنة في مكة، لأجل توزيعها على مستحقيها من الفقراء والمساكين، وقد أمرنا أيضًا تبليغكم بذلك ، نرجو أن يديم الله حياته للإسلام والمسلمين،، هذا ما لزم تعريفه". وسجل التاريخ مناسبات مشابهة لقيام الملك عبدالعزيز -رحمه الله- بإنابة أبنائه الملوك سعود وفيصل -رحمهما الله- لقيادة مواكب الحجيج والإشراف على راحتهم ، وسار على نهجه أبناؤه، وفي عصرنا هذا نرى كل المسؤولين في الدولة وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين وسمو ولي ولي العهد -حفظهم الله- يشرفون بشكل مباشر على سير الحج. كان الملك عبدالعزيز -رحمه الله- مدرسة في التعامل مع شؤون الحج، فرغم ما مر به العالم الإسلامي من محن، إلا أن المملكة استطاعت الحفاظ على قدسية الحج، واستمر الحج أحد أهم الأوقات التي نرى فيها البلاد الإسلامية تقف صفا واحدًا على تراب الأراضي المقدسة، وشهدت مكةالمكرمة أهم اجتماعات تصالح بين دول من العالم الإسلامي برعاية ملوك هذه المملكة التي نذرت نفسها لخدمة الإسلام والمسلمين.