من كان في قلبه ذرة من اعتقاد أن الشيعة كانوا مستهدفين في التفجير الإرهابي لمسجدي القديح والدمام باعتبارهم شيعة، فإن التفجير الإرهابي الذي استهدف مسجد قوات الطوارئ في أبها لم يعد يترك مكانا لمثل هذا الاعتقاد، فقد برهن هذا التفجير على أن المستهدف هو الوطن والمواطنون بصرف النظر عن المذهب الذي ينتمون إليه والعمل الذي يقومون به، فكما أن شهداء مسجدي القديح والدمام ليسوا جنودا في قوات الطوارئ، فإن شهداء مسجد أبها ليسوا من الشيعة، وما يجمع هؤلاء وأولئك إنما هو الوطن الذي بات هدفا للجماعات الإرهابية التي لا دين لها يحول بينها وبين تفجير بيوت الله وقتل المصلين فيها. أما من في قلبه ذرة من مرض سمحت بسببها له نفسه أن يجد مبررا لما أصاب إخوة لنا في الدين وشركاء لنا في الوطن، فعليه أن يجد الآن مبررا لما حدث لأبنائنا من جنود قوات الطوارئ، ولن تسعفه نفسه المريضة وجهله بالدين أن يجد مبررا هنا؛ كما وجد مبررا هناك لما تقبله وبرره من عمل جماعات إرهابية تكفيرية بلا دين ولا خلق ولا ضمير. وعلى أولئك الذين في قلوبهم زيغ وفي عقولهم ضلال ممن يجدون في داعش تحقيقا لأحلامهم وآمالهم بقيام دولة إسلامية أن يفيقوا مما هم فيه، فلم يكن سبيل إقامة دولة إسلامية يمر بقتل المصلين وتفجير المساجد، فضلا عن أن ذلك السبيل لا يمكن له أن يكون معبدا بترويع الآمنين مهما كانت الديانة التي يدينون بها، ومهما كان المذهب الذي ينتمون إليه. ورغم أننا نربأ أن يكون من بيننا من يبرر ما تفعله داعش ومن يتعاطف مع ما تقدم عليه القاعدة، إلا أن ما تكشف عنه مواقع التواصل وما يقع فيه بعض أبنائنا من انتماء لها وتنفيذ لخططها يؤكد أن مجتمعنا بحاجة إلى مشروع طويل المدى لتصحيح ما انحرف فيه من مفاهيم وما استقر في أنفس بعض أبنائه من أوهام، فلا نجد بعد ذلك من بيننا من يبرر ما تفعله داعش أو يتعاطف مع ما تقوم به القاعدة.