كشفت السلطات الأمنية السعودية ليل أمس في بيان هوية من قام بتنفيذ التفجير الانتحاري (الجمعة) بحزام ناسف بين المصلين بمسجد الإمام علي بن أبي طالب ببلدة القديح في محافظة القطيف. وأوضح البيان الذي أدلى به المتحدث باسم الوزارة أنه اتضح من إجراءات التثبت من هوية منفذ الجريمة الإرهابية الآثمة بمسجد الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه ببلدة القديح في محافظة القطيف أنه يدعى صالح بن عبدالرحمن صالح القشعمي (سعودي الجنسية)، وهو من المطلوبين للجهات الأمنية لانتمائه لخلية إرهابية تتلقى توجيهاتها من تنظيم داعش الإرهابي في الخارج، تم كشفها في أواخر رجب الماضي، وقُبض حتى الآن على 26 من عناصرها، جميعهم سعوديو الجنسية. (للمزيد) وذكر البيان أن المعمل الجنائي أثبت من خلال فحص العينات من بقايا جثة الإرهابي وموقع الحادثة أن المادة المستخدمة في التفجير هي من نوع «آر دي إكس». وأضاف أن نتائج التحقيقات أسفرت عن ثبوت تورط 5 من عناصر هذه الخلية الإرهابية في ارتكاب جريمة إطلاق النار على إحدى دوريات أمن المنشآت أثناء قيامها بمهمات الحراسة بمحيط موقع الخزن الاستراتيجي جنوبالرياض في 19/7/1436ه، التي نتج منها استشهاد قائدها الجندي ماجد عائض الغامدي، وأقروا بجريمتهم، وبالتمثيل بجثته بإشعال النار فيها، وهم عبدالملك فهد عبدالرحمن البعادي، ومحمد خالد سعود العصيمي، وعبدالله سعد عبدالله الشنيبر، ومحمد عبدالرحمن طويرش الطويرش، ومحمد عبدالله محمد الخميس. وأوضح بيان المتحدث باسم وزارة الداخلية أنه ضُبط بحوزتهم رشاشان (كلاشينكوف) داخل مزرعة في محافظة القصب. وأثبتت المضاهاة والفحوص الفنية لهما بمعامل الأدلة الجنائية أنهما السلاحان المستخدمان في الجريمة، كما تم ضبط ثلاثة رشاشات أخرى مع 14 مخزناً لها، وخمس بنادق، وتسعة مسدسات، و12 مخزناً لها، وأسلحة بيضاء. وكذلك تم ضبط 230 كيلوغراماً من مادتي نترات الألومنيوم ونترات البوتاسيوم تدخل في صناعة الخلائط المتفجرة، ونشرات تشرح كيفية إعداد الخلائط المتفجرة، وأخرى تتضمن فتاوى للفكر الضال. وأوضح البيان أن أدوار بقية الموقوفين من عناصر هذه الخلية وعددهم 21 موقوفاً تمثلت في تبني فكر تنظيم داعش الإرهابي، والدعاية له وتجنيد الأتباع، خصوصاً صغار السن، وجمع الأموال لتمويل عملياتهم، ورصد تحركات رجال أمن وعدد من المواقع الحيوية، والتستر على المطلوبين أمنياً وتوفير المأوى لهم، ومن ضمنهم منفذ العملية الانتحارية ببلدة القديح الذي ظهر أن الموقوف عصام سليمان محمد الداوود كان يؤويه. وأسماؤهم على النحو الآتي: أحمد عبدالله عيسى العيسى، وأسامة علي عبدالله العثمان، واسيد عثمان أحمد الدويش، ودخيل شبيب دخيل الدوسري، وسليمان عبدالعزيز محمد الربع، وصالح إبراهيم صالح النمي، وصالح سعد محمد السنيدي، وعبدالرحمن فهد عبدالله التويجري، وعبدالله عبدالعزيز الهذال، وعبدالله سليمان عبدالله الفرج، وعبدالله مشعل الكثيري، وعثمان إبراهيم عبدالعزيز الخضيري، وعصام سليمان محمد الداوود (المشار لاسمه أنفاً)، ومحمد حمد عبدالله الحميدي، ومحمد إبراهيم محمد الحمدان، ومحمد حمدان حمود الرحيمي المطيري، ومحمد عبدالعزيز محمد الربع، ومعاذ عبدالمحسن عبدالله بن زامل، وعبدالله عبدالعزيز محمد السعوي من (مواليد 3/10/1420ه، ويبلغ من العمر 16 عاماً) وعبدالله عبدالرحمن سليمان الطلق (مواليد 22/5/1421ه، ويبلغ من العمر 15 عاماً)، وصالح محمد صالح السعوي (مواليد 1/9/1421ه، ويبلغ من العمر 15 عاماً). إلى ذلك، كشفت مصادر مطلعة ل«الحياة» أن القشعمي اختفى منذ عام عن أهله، ما دعا أسرته إلى التقدم ببلاغ لدى الجهات المختصة. وأوضحت أن الانتحاري القشعمي، الذي ينحدر من محافظة الزلفي (60 كيلومتراً من الرياض)، من مواليد العام 1421ه وسبق أن تم توقيف والده على خلفية قضايا الفئة الضالة، ولا يزال موقوفاً. ولاحظت»الحياة» أن الانتحاري القشعمي الذي أعلنت عنه وزارة الداخلية باعتباره مطلوباً أمنياً لم يظهر اسمه ضمن قوائم الداخلية للمطلوبين أمنياً، ما يعني أنه حديث عهد بالجماعات الإرهابية والفكر المتطرف. في غضون ذلك، أكد أمير المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز أمس (السبت)، أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يتابع باهتمام الوضع في قرية القديح، والتأكد من الحصول على الرعاية الطبية اللازمة للمصابين في التفجير الإرهابي، الذي استهدف مسجد الإمام علي بن أبي طالب أثناء صلاة الجمعة، وأدى إلى سقوط 21 شهيداً و88 مصاباً، وقال الأمير سعود بن نايف، الذي تفقد المصابين أمس، إن زيارته جاءت بتكليف من خادم الحرمين الشريفين. ووصف الحادثة بأن «أقل ما يقال عنها إنها عمل إجرامي وغير مبرر». وأكد: «كلنا شعب سعودي نقف صفاً واحداً ضد من يريد أن يسيء إلى أي مواطن في أية بقعة من أراضي المملكة». وحذر من أن من أراد الإضرار بهذا البلد وشق لحمته الوطنية، «فلن نقف مكتوفي الأيدي». وندد زعماء وحكومات في أرجاء العالم بالتفجير الانتحاري الإرهابي في مسجد ببلدة القديح، التابعة لمحافظة القطيف. وأجمعت الفعاليات الدينية والمجتمعية والحكومية في أرجاء السعودية على استنكار الهجوم. وذكرت وزارة الصحة السعودية أنها استنفرت طاقاتها منذ وقوع التفجير الانتحاري، وأعلنت حال الطوارئ في مستشفيات المنطقة الشرقية من المملكة. وأفادت في أحدث إحصاء أمس بأن الحادثة الإرهابية في مسجد القديح أسفرت عن 21 وفاة، و88 إصابة، تم احتجاز 58 مصاباً منهم لتلقي العلاج، وغادر 30 مصاباً المستشفى بعد تلقي العلاج اللازم، فيما وصل عدد الإصابات الحرجة إلى 12 شخصاً، ولم يبق من المصابين في حال حرجة سوى شخصين، تقدم إليهما عناية طبية فائقة. وكانت وزارة الداخلية السعودية أعلنت أول من أمس أن إرهابياً فجّر نفسه بحزام ناسف في مسجد الإمام علي بن أبي طالب أثناء صلاة الجمعة، في بلدة القديح، ما أدى إلى استشهاد 21 مصلياً، وإصابة عشرات. وحمد الله عز وجل على قضائه وقدره، مؤكداً أن أبواب العدالة ستظل بإذن الله دائماً وأبدا قادرة وعازمة بكل ما أوتيت من قوة، ولن يهدأ بال لأي رجل من رجال الأمن ما لم يتوصلوا إلى من يقف وراء هذه الجريمة النكراء تجاه أبناء الوطن. وقدم العزاء لأسر الشهداء الذين شاءت إرادة رب العالمين أن يستشهدوا في هذا اليوم الفضيل، متمنياً للمصابين الشفاء العاجل، ومؤكداً في الوقت نفسه متابعة خادم الحرمين الشريفين وولي العهد وولي ولي العهد لأحوالهم، وأنهم سيتلقون العناية اللازمة. وشدد على ن «من أراد الإضرار بهذا البلد، سواء بشق اللحمة الوطنية أم بالإساءة إلى ديننا أو وطننا، فلن نقف مكتوفي الأيدي، وسنقف بكل صلابة وبكل قوة لكل من يريد الإضرار بهذا الوطن كائناً من كان»، مشيراً إلى أنه ليس هناك أي تبرير لأي عمل إجرامي. وأضاف أن المصابين الذين زارهم يتمتعون بمعنويات عالية. ونقل أمير المنطقة الشرقية الأمير سعود بن نايف بن عبدالعزيز للمصابين أمس بمستشفى القطيفوالدمام المركزي، تحيات خادم الحرمين الشريفين وولي عهده وولي ولي العهد، وتمنياتهم لهم بالشفاء العاجل. وندد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالتفجير الإرهابي. وأوضح المجلس في بيان رئاسي أمس (السبت) أن «أعضاء المجلس ال15 يدينون بأشد عبارات الإدانة التفجير الإرهابي، ويعبرون عن تعاطفهم العميق، ويقدمون تعازيهم إلى عائلات ضحايا هذا العمل الشرير وإلى حكومة المملكة العربية السعودية». وفي برلين، دانت الحكومة الألمانية أمس بشدة التفجير الإرهابي. وأعربت نائبة المتحدث باسم الحكومة الألمانية كريستينا فيرتس عن أسف حكومة بلادها واستنكارها هذا العمل الإرهابي، ووصفته ب«العمل الجبان والخسيس الذي يهدف القائمون من ورائه إلى زعزعة الأمن في المملكة العربية السعودية». ودان الرئيس الباكستاني ممنون حسين ورئيس الوزراء نواز شريف الحادثة الإرهابية، وأكدا وقوف باكستان مع المملكة في التصدي للإرهاب. وقال الرئيس الباكستاني، في بيان صادر عن القصر الرئاسي أمس، وفق ما بثته وكالة الأنباء الباكستانية: «إن باكستان تعبر عن تعازيها وحزنها العميق في ضحايا هذه الحادثة الإرهابية». وقدم التعازي إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في ضحايا الحادثة الإرهابية. وفي واشنطن، قال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إيرنست: «نعرب عن حزننا لفقدان الأرواح وندين هذا العنف». وفي القاهرة، ندد الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي بالاعتداء الإرهابي، وتقدم في بيان ب«خالص تعازيه لأسر الضحايا الذين سقطوا جراء هذا العمل الآثم». وفي بيروت، استنكر رئيس مجلس الوزراء اللبناني تمام سلام حادثة التفجير، ووصفها بأنها «عمل جبان». وقال سلام: «إن الجريمة الوحشية التي تعرض لها مصلون أبرياء إنما تدل على عقل إجرامي أسود لا يقيم وزناً للحرمات ولا صلة له بالإسلام والمسلمين، ويهدف إلى القتل المجاني بغرض إيقاع الفتنة السوداء بين أبناء البلد الواحد». كما دانت البحرين التفجير الإرهابي الذي استهدف المصلين، وقال بيان لوزارة الداخلية البحرينية: «نؤكد دعمنا الكامل للإجراءات الأمنية المتخذة لضمان أمن واستقرار السعودية، مشددين على أن البحرين تقف قلباً وقالباً مع شقيقتها السعودية في خندق واحد للتصدي للأعمال الإرهابية». كما ندد مفتي مصر شوقي علام بالهجوم، واصفاً مرتكبيه ب«المتطرفين المجرمين». وقال في بيان له: «إن هؤلاء تجرأوا على حرمة بيت من بيوت الله، وسفكوا فيه دماء المصلين الذين اجتمعوا لأداء فريضة صلاة الجمعة، ولم يراعوا لدماء المسلمين ولا لبيوت الله حرمة، فأصبحوا بذلك من أهل الخزي في الدنيا والعذاب العظيم في الآخرة». وفي عمّان، دانت المملكة الأردنية الهاشمية التفجير الإرهابي. وأعرب المتحدث الرسمي باسم الحكومة الأردنية الدكتور محمد المومني عن «استنكار الحكومة الأردنية هذا الاعتداء الإرهابي»، مشدداً على تضامن الأردن مع السعودية في «مواجهة العنف والإرهابيين». وأوضح خبير أمن المعلومات عضو مجلس الشورى السعودي الدكتور فايز الشهري ل«الحياة» أن الخطاب التحريضي على المنابر لا علاقة مباشرة له بأحداث بلدة القديح، التي رأى أنها تتفق مع تهديدات المحسوبين على النظام الإيراني وحزب الله اللبناني. لكنه طالب خطباء المنابر وكتّاب الرأي العام بالتزام المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات كافة، كما ينص عليه النظام الأساسي للحكم. وشدد الشهري على أن الخطاب التحريضي مرفوض شرعاً ونظاماً، مؤكداً أن حادثة القديح وغيرها من الحوادث الإرهابية الأخيرة لا يمكن ربطها بالخطاب التحريضي، بل بجماعات تتحرك وفق مخططات مشروع إيراني تهدف إلى إحداث انقسام بين أفراد المجتمع، وهو ما أكده إعلان وزارة الداخلية عدداً من الخلايا الإرهابية النائمة خلال الفترة السابقة. إلى ذلك، استقر أمس الوضع الصحي للمصابين في حادثة بلدة القديح. وأكدت وزارة الصحة السعودية أن مصابين لايزالان في حال «حرجة». وتقدم إليهما العناية الطبية الفائقة، فيما خرج مصاب من المستشفى بعد أن تحسنت حاله، وبقيت تسع حالات وصفت إصاباتهم بأنها «خفيفة». وأعلنت الوزارة أن «الاعتداء الآثم أسفر عن إصابة 109 حالات، من بينها 21 وفاة، و88 إصابة، وتم تنويم 58 حالة لتلقي العلاج، فيما بلغ عدد حالات الإصابة الحرجة 12. وغادر 30 مصاباً المستشفى، بعد تلقي العلاج اللازم».