علمت أن الحكومة اليابانية تعتزم إطلاق مسابقة وطنية هي الأولى من نوعها لتصميم (المراحيض) -أي الحمامات- التقليدية والابتكارية. وتندرج هذه المسابقة في سياق السياسة التي يعتمدها رئيس الوزراء لتحسين أوضاع النساء، حتى لو لم تكن محصورة بمراحيض مخصصة للإناث، وقد بين تقرير حكومي يقع في 145 صفحة، أن من شأن المرافق الصحية أن تساهم في تحسين أوضاع المرأة في اليابان، وتندرج هذه المسابقة أيضا في إطار التحضيرات لدورة الألعاب الأولمبية وتلك المخصصة لذوي الاحتياجات الخاصة في طوكيو المزمع إجراؤها عام (2020) بحيث يكون توافر المراحيض دليلا إضافيا على حسن الضيافة اليابانية، وصرحت الوزيرة المكلفة بشؤون المرأة أنها تأمل بأن تلقى الجهود التي تبذلها اليابان لتصميم أفضل المراحيض في العالم صدى في أرجاء المعمورة. واليابان معروفة بتصاميمها المتطورة جدا للمراحيض التي قد يستغربها الأجانب للوهلة الأولى. وستكون لجنة التحكيم مؤلفة من سبعة خبراء، بينهم مهندسون معماريون وممثل الجمعية اليابانية للمراحيض، وستقوم المتنافسين بناء على خمسة معايير هي النظافة والسلامة والراحة والابتكار والاستدامة – انتهى. وأكثر ما لفت نظري ويهمني من هذه المعايير الخمسة، هو معيار (الراحة)، فالراحة أولا وأخيرا ولا شيء غيرها هي التي تهمني، فالإنسان الذي لا يرتاح في حمامه أو مرحاضه، غير جدير بالاحترام ناهيك عن العيش بسلام وأمان. إن الحمام من وجهة نظري يساوي غرفة النوم بالأهمية والمكانة، إن لم يتفوق عليها أحيانا -خصوصا في أوقات الأزمات الطارئة-. ولا أخجل من الاعتراف بأن أذكر: أن جل وقتي في منزلي أقضيه بالحمام، إلى درجة أنه يوجد به مكتبة مصغرة، وجهاز تلفزيون وكمبيوتر وميزان وعجلة متحركة وبعض النباتات، ولو لا خوفي من المبالغة لتمنيت أيضا أن يكون فيه مخدة ولحاف و(مرجيحة). إن ذلك المكان المبجل من وجهة نظري هو أعظم اختراع في تاريخ البشرية، وهو الذي ساهم عن جدارة برقي الحضارة، وتعمير المدن، والحفاظ على صحة الإنسان، وفوق ذلك كله جعل الإنسان يرتاح ويطمئن أن هناك مكانا جاهزا له على بعد خطوتين لينجده وقت الحاجة، بدلا من (الهجولة) أو الركض في الشوارع كالمعتوه لقضاء حاجته في ركن من الأركان الخفية هربا من تلصص الأنظار. ومن الابتكارات اليابانية التي أعجبتني في هذا الصدد، هي مغسلة فوق كرسي الحمام مباشرة، وعندما يغسل الإنسان وجهه أو يده بدلا من أن يذهب ماء الغسيل في بالوعة التصريف، يذهب مباشرة ليملأ (السيفون)، ورغم أن اليابان ممتلئة بالأنهار والأمطار إلا أنها أيضا تحافظ على المياه، فكيف بنا ونحن أفقر بلاد العالم بالمياه؟! ويا ليت هيئة (المواصفات والمقاييس) تشجع أو تفرض مثل هذا الاختراع وتعممه على جميع الحمامات في المملكة، خصوصا أن (70%) من المياه المهدرة في المنازل سببها جر (السيفونات). وللمعلومية فإنني أكتب لكم الآن هذا المقال وأنا أتريض على العجلة المتحركة بالحمام، مع اعتذاري الشديد. [email protected]