لو أنصف قاطنو الجزيرة العربية واقعهم لفكروا في اختراعٍ أو كشف أو إبداعٍ يساعدهم على توفير المياه المهدورة . من هذه المياه مثلا تلك التي صار كل منزل وقصر وفندق يستعملها في صندوق الطرد المملوء بالماء في كل حمام ومرحاض (أقصد السيفون) . ذاك الذي يجري سحبه بواسطة كل فرد من أفراد العائلة ، عدة مرات يوميا ، بغرض تنظيف حوض المرحاض (كرّم الله وجه القارئ) . ووهب الله جزيرتنا العربية ما يكفي أهلها من مياه جوفية . وأقول أهلها وقصدي ماكنا عليه في الماضي وأعني قلة السكان وتركزهم في واحات وقرى . مع مواسم أمطار تكفي الكلأ . لكن الزيادة المطردة في تشييد المساكن وكثرة تركز الوافدين صارت أكبر تحد أمام الحفاظ على المياه ، حتى بعد أن لجأنا إلى تحلية مياه البحر، مع ما رافق ذلك من تكلفة ومخاطر ومجازفة . وأذكر مقترحات وعروضا تحدثت عن مواصفة أو مقياس خاص يجعل حوض السيفون اقل سعة ، ويجري تصنيعه هنا ويُتخذ كمقياس وعيار لما يجري استيراده . ونادت الزراعة والمياه آنذاك بتبني الفكرة ، ثم سكت الناس عنها رغم توضيح مسؤولي المياه بأننا بواسطتها نستهلك (قل نهدر) الكثير من المياه الصالحة . والخطأ المزعج أننا في المنازل لا نقلق على المرور عليها ورعايتها ، ولا نصرف جهدا في ملاحظة التسريبات المستمرة التي تسوق المياه الصافية النقية إلى المجاري . والحفاظ على الماء يأتي على شكل إعلانات وتوعيات جيدة ، تأتي على شكل صفحة كاملة في صحفنا المحلية بين حين وآخر . وهذا جيّد . لكن تأثير تلك الإعلانات العابرة ، وتأثيرها بطيء . دقت المنظمات الدولية ناقوس الخطر بأن الحرب القادمة لن تكون من اجل البترول بل من اجل الماء . حتى في الدول ذات الينابيع والأنهار.اتجهت كثير من الدول في البحث عن طرق وبدائل للمحافظة والترشيد في استخدام المياه، وكان من أهم تلك الطرق (الجاري دراستها هو استخدام مياه المغاسل/المراوش بعد معالجتها في تغذية صناديق الطرد للمراحيض(السيفونات) .