لحظة كتابتي لهذا المقال كنت أقرأ (مانشيت) صحيفة البلاد البحرينية: «بصمات إيران في تفجير سترة الإرهابي»، وفي عنوانين فرعيين قالت الصحيفة: «المتفجرات المستخدمة من نفس نوع المواد المهربة من طهران»، و«جمع 200 كيس دم للمصابين وحالتهم مستقرة». قراءة هذه العناوين أوحت لي بثلاثة أشياء. الأول أن الإعلام البحريني، وهذا طبيعي، انشغل عن مانشيتات وأخبار البناء والتنمية بأخبار الإرهاب والقتلى والمصابين، وهذا ما تريده إيران كما هي الحال، مع الفارق في الحجم والتوغل، في العراق وسورية واليمن. والثاني أنها، أي إيران، تؤكد الآن على مسار جديد مع البحرين، عضو مجلس التعاون الخليجي، وتقصد بهذا المسار، مسار العنف وإثارة القلاقل، كل الدول الأعضاء في هذا المجلس. والشيء الثالث أن البحرينيين متضامنون يرفضون هذا العنف والإهاب الذي تطبخه الجارة وترسله لهم عبر البحر، كما ثبت مؤخرا. الدم هو بضاعة إيران في كل مكان تحل به يدها المباشرة أو المؤجرة، مثلها مثل كل التنظيمات التي تعتبر العنف والتفجيرات من ضرورات تحقيق نفوذها وضربها لاستقرار الأنظمة والمجتمعات. وهي تسوق هذه البضاعة الساخنة بعيدا دائما عن حدودها ومدنها لتزعزع حدود ومدن الآخرين الآمنة والمتلاحمة. تجربة العراق بالذات لا تدع مجالا للشك بأن الحلول الإيرانية طائفية دموية تمزق النسيج الاجتماعي وتفرق الشعوب إلى حارات متناحرة يزايد بعضها على بعض في تعظيم الكراهية وما يستتبعها من تناحر يأتي على الأخضر واليابس في حياة هذه الشعوب. الدم المسفوح في تفجير سترة وغيره من التفجيرات وأكياسه المجمعة من المواطنين المتضامنين ضد البغي الإيراني هو الرهان الإيراني الوحيد على تفجير الأوضاع في دول الخليج. هذا إذا لم تستوعب مكونات شعوب دول المنطقة تربص طهران بها واستهدافها بعد تلك الدول التي سقطت نتيجة انسياقها خلف الدعاوى المذهبية التي يبشر بها الإيرانيون ويستخدمونها لأغراضهم السياسية. الغرض الإيراني في النهاية هو وقوع دول الخليج، بدءا من البحرين، في براثن التقاتل الأهلي لتصبح مثل غيرها دولا فاشلة يسهل تحطيمها والتحكم بمصيرها. ولذلك فإن استحقاق التضامن الخليجي الكامل لم يكن أكثر إلحاحا مما هو عليه الآن. وكما قال رئيس وزراء البحرين الأمير خليفة بن سلمان بن خليفة، بعد الأحداث الأخيرة: «علينا أن نتعامل مع جميع التدخلات الخارجية التي تحاول أن تتدخل في شؤون دول الخليج، ويتوجب علينا ألا ننشغل إلا بالأمور التي تهم مصلحتنا، وأن نكون على موقف ثابت وواضح وصريح دون مجاملة أو مراوغة، وذلك من خلال السعي إلى الحفاظ على أمننا واستقرارنا مهما كانت النتائج». هذا يعني أن السيل الإيراني بلغ الزبى، ولن يدافع عن حلق الخليج إلا أيدي حكوماته وأبنائه. [email protected]