منذ سنوات.. كانت حلقة الخضار والفاكهة ساحة إشكال في كيفية تطبيق (السعودة) في مرافق البيع ومحاولات القضاء على التستر والحد من العشوائية التي تسود نشاط البيع والشراء، فالمواقف المخصصة للمتسوقين اصطفت على جنباتها شاحنات البضائع وعمال التحميل وقد تركوا الزبائن واتجهوا لتفريغ بضائع الموزعين، أما عن الأسعار فحدث ولا حرج. فما أن تقف أمام بسطات البيع حتى تلحظ بوضوح تباين الأسعار في المنتج الواحد، ما بين بسطة وأخرى، فكل ييبع بالسعر الذي يريد. وفي مثل هذه الأيام المباركة، تتوحد كلمة الباعة على كلمة سواء.. حيث تشتد حركة المتسوقين، ويكثر الطلب على مكونات السفرة الرمضانية. وعندها ستلحظ أن الأسعار متشابهة لكنها مرتفعة جدا. يعلل ذلك المهندس معتصم أبوزنادة نائب رئيس طائفة دلالي حلقة الخضار والفواكه في جدة، بالقول: ارتفاع الأسعار الذي صاحب رمضان كان سببه الإقبال الكبير من قبل المتسوقين، لاسيما على شراء الخضار، التي تدخل في تجهيز الأكلات الرمضانية. مشيرا إلى أن كثافة المتسوقين مع حلول أول ليلة رمضان عادة ما تسبب زحاما وارتفاعا في أسعار كثير من المنتجات الزراعية بسبب الطلب الكبير، خاصة الطماطم والورقيات، كالبقدونس والشبت والكزبرة والخس. وأضاف أبونادة: ما يباع عادة من خضار وفواكه هو من الإنتاج اليومي للمزارع، إلا أنه قد يحدث أن تجزأ كميات المعروض من المنتج الزراعي على مدى اليوم الواحد، أو أكثر. منوها إلى أن أسعار الحلقة ستعاود الاستقرار مع انتصاف شهر رمضان، حيث يستقر الطلب على كثير من المنتجات، وتعود حركة المتسوقين لوضعها الطبيعي. المتسوقون والحلقة يقول المتسوق ماهر المغربي إن الأسعار التي وصلت إليها كثير من المنتجات الزراعية الوطنية لا يمكن تصديقها، وأضاف: مع حلول شهر رمضان المبارك تضاعفت معظم أسعار الخضار ووصل سعر كرتون الطماطم الكبير الى 70 ريالا بعد أن كان لا يتجاوز ال35 ريالا وكذلك الحال للخيار الذي وصل إلى 40 ريالا للكرتون، في حين لوحظ تقلص كميات الشبت والكزبرة والنعناع والبقدونس مع ارتفاع سعرها، وهو أمر أثار دهشة واستغراب كثير من المتسوقين. لغز الحبحب حتى البطيخ الذي يباع كل يوم في مزاد، وتمتلئ به كثير من المحال والبسطات أصبحت أسعاره لافتة، ولا أعتقد أنها عادلة، خاصة أن كثيرا من المتسوقين يعلمون جيدا أن سعر البطيخة الواحدة لا يتجاوز الخمسة ريالات في المزاد، وتباع بسعر 35 إلى 40 ريالا، كما يحدث في كثير من الأيام.. خاصة في مثل هذه الأيام المباركة. ويضيف خالد البرعي: ليس صحيحا بالمطلق أن الطلب والعرض هما ما يحددان سعر المنتجات المتداولة في الحلقة، فإذا كان هذا صحيحا، كيف لصندوق البرتقال (المصري - العصير) أن يباع بعشرين ريالا، وعلى بعد أقل من ثلاثة أمتار (عند مقر تنزيل المنتجات الزراعية) يباع ب15 ريالا. وقال: بل إن سعر الكرتون يختلف على مدار الساعة، فما تشتريه بعشرين ريالا نهارا، ستجده ب15 ريالا في المساء ومن نفس بسطة البيع، بالرغم من أن كرتون البرتقال لا يتأثر سريعا باختلاف درجات التخزين. في المقابل أرجع عضو جمعية حماية المستهلك والمتحدث فيها الدكتور عبيد العبدلي، أسباب ارتفاع أسعار بعض المنتجات وانخفاضها مقارنة بأسعارها عالميا، إلى ثقافة المستهلك، التي تتقبل الارتفاع في سعر السلعة دون البحث عن بديل لها، إلى جانب عدم التفاعل مع اللجان والهيئات الرقابية على الأسواق المحلية. وقال ل(عكاظ): ما يتحكم في السعر هو العرض والطلب، وكذلك التاجر أو الموزع إذا وجد مشتريا للسعر الذي يفرضه على سلعته وإلا لما استمرأ تحديد الأسعار التي تناسبه ولا تتناسب مع السعر الحقيقي للمنتج. وأضاف: أهم دور لجمعية حماية المستهلك هو توعية المستهلك والتأثير على سلوكه الاستهلاكي. وأكد العبدلي أن الجمعية ووزارة التجارة هما أدوات للتوعية وللرقابة إلا أن الدور الرئيس للحد من ارتفاع الأسعار يقع على كاهل المستهلك وثقافته الاستهلاكية، التي يجب تعزيزها بزيادة وعيه الثقافي. نقص خدمات يضيف خالد البرعي: الأمر في حلقة الخضار لا يقتصر على تفاوت السعر فقط، وإنما على معاناة المتسوقين في الحصول على موقف لسياراتهم، أو عامل تحميل يقوم بحمل مشترياتهم. ويقول: هناك مواقف مخصصة للمتسوقين لا نستفيد منها، والسبب في ذلك وقوف شاحنات التحميل بها ولوقت طويل، فكم من مرة وجدت شاحنة رابضة في نفس الموقف، دون أن يسترعي ذلك انتباه القائمين في الحلقة. ويستطرد: ولك أن تتصور معاناة رجل كبير أو امرأة تبحث عن عامل لحمل المشتريات دون أن تجد، رغم أن هناك من خصص للقيام بهذا الدور، مقابل أجر يقدره الزبون، وفي أحايين كثيرة لا يقل عن عشرة ريالات، ومع ذلك لا يجد المتسوق في كثير من الأحيان من يقوم بحمل مشترياته أو يجد عربة. فرص وظيفية يلحظ معظم المتسوقين لحلقة الخضار والفاكهة في جدة ندرة البائع السعودي في محال البيع المنتشرة في أرجاء الحلقة رغم تداول كثير من المواقع الإعلامية عن (تطبيق السعودة) في الحلقة في محال البيع بل وحتى على مندوبي الفنادق والمطاعم الكبرى الذين يقومون بشراء المتطلبات الأساسية لإعداد الولائم. يقول محمد عبدالله: ليس هناك أي شيء يذكر من هذا القبيل، بل إن كل ما يقال عن السعودة في حلقة الخضار هو إما تستر أو حديث يخالف الواقع. ويضيف: حلقة الخضار تعد منجما من الرزق.. فلماذا لا تشرع أبوابها أمام أبنائنا العاطلين، أو حتى المتقاعدين. ولا أدري كيف تتغير هوية العاملين في الحلقة مع مقدم لجان التفتيش التي تباغت العاملين في محال البيع. ويضيف: الأمر بحاجة إلى رقابة يومية، وليس إلى جولات فجائية لا تمنع الوافدين من التحكم بالأسعار وبحركة البيع ونوعية العمالة في الحلقة، كما تجب محاسبة المتسببين في سيطرة الوافدين على حلقة الخضار بشكل عام. بدوره طالب نائب رئيس طائفة دلالي الخضار والفاكهة المهندس معتصم أبوزنادة، أصحاب الفنادق والمطاعم وشركات الضيافة بتطبيق السعودة، وتوظيف الشباب السعودي كمندوبين للمشتريات في حلقة الخضار. وقال: اللجان الرقابية المسؤولة عن تطبيق السعودة كانت تطالب التجار والموردين والباعة في الحلقة بحصر البيع على المواطن، فلماذا لا تقوم بإلزام أن يكون مندوبو المشتريات من المواطنين، بحيث لا تتأثر حركة البيع والشراء في الحلقة بمسألة السعودة وحصر تطبيقها على التجار والموردين. وأضاف أبوزنادة: بالتأكيد جميعنا يحب أن يرى ابن الوطن عاملا منتجا في بلده، وهي دعوة أوجهها لكل شاب يرى في نفسه قدرة العمل في قطاع البيع والشراء في حلقة الخضار أن يبادر بالتجربة، وسيجد الدعم والتشجيع، فالسوق مشرعة للجميع. حرية العمل من جهته أكد التاجر سحيم الغامدي، أن تجار وموردي الحلقة بحاجة للمواطن السعودي للعمل في مجال البيع أو المحاسبة أو إدارة الأعمال، وقال: لا نحصر عمل المواطن في مجال البيع، بل على العكس، فللمواطن العامل حرية العمل وفق خبرته وإمكاناته، بل إننا كتجار في حلقة الخضار اتفقنا على عدد من المقترحات تقدمنا بها إلى سمو محافظ محافظة جدة، منها إعفاء العامل السعودي من دفع قيمة إيجار بسطة البيع لمدة ثلاثة أشهر إذا ما أراد العمل حرا لحسابه الخاص، أما إذا أراد العمل لدى أحد التجار فله أيضا الحرية في العمل كبائع أو محاسب أو مراقب أو مدير أعمال. وأضاف الغامدي: هذه المقترحات وجدت الدعم والتأييد من من صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن ماجد - حفظه الله - حين التقينا بسموه، وهي تأكيد على دعمنا كتجار لسعودة الوظائف في قطاع حلقة الخضار والفاكهة، لكن يجب في المقابل مساهمة باقي الجهات في تطبيقها وبشكل متوازن وفعال.