على الرغم من الأرقام الكاشفة في تقرير المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بشأن أوضاع سوق العمل، إلا أنه يجب التوقف على بعض الدلالات فيه، خصوصا حين يؤكد أن 55% من السعوديين بالقطاع الخاص رواتبهم أقل من 3500ريال، لقد أعلنت وزارة العمل في السنوات الأخيرة معلنة نجاحها في توظيف أكثر من 700 ألف سعودي خلال 3 أعوام، ليرتفع إجمالى عدد المسجلين في التأمينات إلى 1.6 مليون، لكن ما لم تقله إحصاءات وزارة العمل، أن نسبة كبيرة من الذين يتم تعيينهم بعد التوصل إلى اتفاقيات مع القطاع الخاص يتسربون من العمل سريعا؛ بفعل الضغوط من جانب الشركات والتوظيف الوهمي من أجل الحصول على تأشيرات للعمالة الوافدة، ولا يختلف اثنان على أهمية التوقف أمام الرواتب التي يمنحها القطاع الخاص للسعوديين، وهي في الأغلب كما يشير تقرير التأمينات لا تكفي الحد الأدنى من المعيشة، في ظل إيجارات ملتهبة وأسعار متضخمة، ووسط دراسات تشير إلى أن الحد الأدنى للرواتب لا ينبغي أن يقل حاليا عن 5 آلاف ريال، ومن هذا المنطلق وجب العمل على إيجاد الآليات اللازمة من أجل النهوض بالأجور في القطاع الخاص، وألا يكون راتب العامل الوافد هو المعيار الذي يقاس عليه راتب السعودي؛ لأن الأمر يتعلق بجوانب اجتماعية واقتصادية في وطن يبلغ إجمالي إنتاجه المحلي قرابة 3 ترليونات ريال. ولا شك أن التحديات التي يعاني منها الشباب في سوق العمل ليست وليدة اليوم، وإنما نتاج سياسات متراكمة منذ السابق، وعلى الرغم من الجهود الدؤوبة لإصلاح تشوهات السوق منذ أكثر من 15 عاما، إلا أنها ما زالت قائمة، وربما تتفاقم في ظل محدودية الوظائف التي يتم توليدها سنويا لاستيعاب الخريجين في القطاعين العام والخاص، ولا بد من أن نشير إلى أن هناك العديد من الأسباب التي جعلت العلاقة متوترة بين الشباب وأصحاب سوق العمل، ومنها عدم جدية البعض، والخلاف على الراتب وأوقات العمل، بالإضافة إلى عدم تشجيع المناهج التعليمية على الالتحاق في العمل المهني، وظلت نظرتها قاصرة ومعيبة بالنسبة له. ولكن، وللأمانة، لا بد من الإشارة إلى كلمة حق هناك تغير ملحوظ لدى الشباب نحو الأفضل بكل تأكيد، وقد شهدنا حرصا على الانخراط في الكثير من الوظائف التي كانت مرفوضة في السابق، وبكل تأكيد أقول لشبابنا اعملوا في المجالات المهنية والعمل الحر، وسوف تحققون ما تصبون إليه مستقبلا.