هي خطوة تستحق الإشادة بها تلك التي اتخذتها هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، حين قررت أن تشترط على من يرغب الالتحاق بها للعمل في مجال الاحتساب الميداني، أن يكون حاصلا على دبلوم تأهيلي يعده للعمل الميداني ويمده بمهارة خاصة في أساليب التواصل والتعامل مع الناس ويزوده بمعرفة فقهية كافية تعينه على تمييز ما يمكن التجاوز عنه في سلوك الناس وما لا يمكن، مما قد يقابله في الميدان. إن كثيرا من المشكلات التي تقع بين الناس وبين بعض الميدانيين من منسوبي هيئة الأمر بالمعروف، هي غالبا تقع بسبب ضعف بعضهم في مهارات التواصل مع الآخر، أو بسبب الجهل في أساسيات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كالإنكار على الناس حتى وإن كان الأمر يدخل في نطاق المختلف حوله، أو التعالي والكبر واحتقار الآخر لمجرد أن المحتسب رآه يسلك مسلكا خاطئا. إضافة إلى هذا، فإن بعض المحتسبين الميدانيين، يفتقدون مهارات السلوك المهذب والرفق واللين مع الناس، فبعضهم يظن أن مجرد كونه يدعو إلى معروف أو ينهى عن منكر، يخوله فعل ما يشاء حتى وإن تضمن قسوة وعنفا، أو أدى إلى الإضرار بسلامة الغير كما حدث في المطاردات الشهيرة التي أودت بحياة بعض المطاردين، أو مثل ما نقلته صور الفيديو في حادثة البريطاني مع بعض منسوبي الهيئة الذين بدوا في سلوكهم معه خارجين عن اللياقة تماما. وإذا كان من المتوقع أن يوجد بين العامة من الناس الجاهل وغير المهذب والسليط والعنيف، وفيهم من تعرض بعض المحتسبين للأذى على يده، فإن مثل تلك التصرفات لا يتوقع أن تصدر عن المنتسبين للهيئة، الذين يتمحور دورهم حول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهم يتوقع منهم أن يكونوا متسامين فوق ذلك، وأن يظهروا مستوى عاليا من التهذيب والرفق والمعرفة الصحيحة بأحكام الدين بما يتلاءم مع الصفة السامية التي يحملونها. لذلك فإن الخطوة التي خطتها الهيئة في اشتراط حصول المحتسب على دبلوم يؤهله للعمل في هذا المجال قبل ممارسته العمل الميداني، هي أمر إيجابي في غاية الأهمية، فعسى أن يكون لهذا الدبلوم أثر إيجابي في تحسين العلاقة بين الناس والهيئة بعد أن كثرت في السنوات القليلة الماضية وقائع الصدام والنزاع بين الطرفين. كما عساه أن ينهي استعانة الهيئة بالمتعاونين، الذين كانوا طرفا في معظم المشكلات التي نسبت إلى الهيئة.