كشفت الخطابات والتقارير الرسمية، وشهود عيان، اغلاق عمليات جراحة اليوم الواحد ومركز أمراض الدم في مستشفى صبيا بجازان، في وقت اعتبر المراجعون هذه الخطوة تضاعف المعاناة عليهم. وتتضح الصورة السوداء للمستشفى من خلال الأجهزة الطبية المتناثرة هنا وهناك بصورة عشوائية ولا تتم الاستفادة منها، فيما تشهد بعض الأقسام «حسب شهود العيان» نقصا في الأجهزة. أما مستوى النظافة فحسب المراجعين «فحدث ولا حرج»، ليختلط الحابل بالنابل في تسربات مياه الصرف الصحي والتي تزعج المراجعين، ناهيك عن المنومين. لكن يقف نقص الكوادر الطبية والفنية بالمستشفى، سببا مباشرا في تكدس المراجعين الذين يتخوفون من إغلاق عدد من العيادات في المستشفى، في ظل هذا النقص، ما انعكس سلبا في ضغوطات العمل على العديد من الكوادر الطبية والتمريضية. وحسب جولة «عكاظ» على المستشفى اتضح تعطل عدد من الأجهزة منها الرنين المغناطيسي الذي لم يعمل منذ تركيبه قبل سنتين، فيما تناثرت النفايات الطبية التي يتم رميها بطريقة غير آمنة. من جانبهم بين عدد من المراجعين ل«عكاظ» أن معاناتهم تبدأ من إغلاق معظم المواقف بحواجز وبراميل، ولا تنتهي بقلة سعة المستشفى مقارنة بعدد السكان الذين ينتشرون في العديد من القرى، خاصة أنه يستقبل الحالات المحولة من المستشفيات الأخرى، ما يترتب عليه زحام خاصة في قسم النساء الولادة بسبب قلة الأسرة، ما يضطر بعضهن إلى وضع جنينها في الممرات لعدم وجود سرير شاغر، كما تشهد غرف التنويم والعناية المركزة حالة من الطوارئ طيلة أيام العام حيث يحتاج المريض إلى تدخل المحسوبية والمعرفة لبعض العاملين في المستشفى للحصول على سرير شاغر. يقول علي حكمي ل«عكاظ» إنه وبمجرد دخولك المستشفى تلاحظ مشاركة العديد من الكوادر الإدارية بالمستشفى وهم يتدخلون في إسعافات المرضى بالطوارئ نيابة عن الممرضين والممرضات الذين قل تواجدهم، مبينا افتقاد المستشفى للعدد الكافي من الممرضين والممرضات، علاوة على الغياب التام عن قسم الطوارئ. ويشير فيصل الأعجم إلى أن المعاناة تصبح أكثر وضوحا في قسم الطوارئ خاصة في أوقات وصول الحوادث الكبيرة إلى المستشفى، إذ يلاحظ في قسم الطوارئ الارتباك الواضح من زيادة المراجعين وقلة الممرضات. وبين أحمد الحازمي أن الطاقة الاستيعابية للمستشفى لا تسع لكل المرضى ما يضطر البعض الذهاب إلى مستشفيات المنطقة بحثا عن العلاج. وأشار ماطر العبسي، إلى أنهم أخروا عملية شقيقته لغياب طبيب تخدير في المرة الأولى، وفي الثانية اعتذروا بمبرر عدم وجود أدوات معقمة، وقال: راجعت مدير المستشفى، فتلفظ علي «حسب قوله» واستدعى حارس الأمن لطردي، فرفضت حتى تم تحويل شقيقتي إلى مستشفى بيش لإجراء الجراحة. وأكد عدد من المراجعين توقف برنامج الزواج الصحي، بسبب غياب أجهزة الكمبيوتر، فضلا عن تعطل عدد من أجهزة المختبر وبنك الدم، مما تسبب في تكدس المرضى والمراجعين عند بوابات المختبر، ويطول الانتظار للحصول على النتائج. كما تذمر المراجعون من عدم تشغيل جهاز أشعة الرنين المغناطيسي، بعد أن تم تركيبه وتجهيزه من قبل الشركة المتخصصة منذ سنتين، حيث فوجئوا من تحويلهم إلى مستشفى الملك فهد المركزي رغم جاهزية وحدة الرنين المغناطيسي. أما غرف التنويم حسب قول أحد المرضى في قسم الباطنة، فإنها تشكو نقص المعدات، وقال: لا يوجد جرس تنبيه لاستدعاء الممرضين، مما يفرض علينا معاناة المناداة، ولا يسمعنا أحد، ولا نعرف ما إذا كنا في «حراج» أم في مستشفى يجب مراعاة من داخله، كما تفتقد غرف التنويم لكراسي المرافقين، فيضطرون لافتراش أرضيات الغرف رغم مخاوف العدوى. إغلاق مركز الدم ويؤكد أحمد علي والد أحد المرضى أنه صدم كثيراً بقرار إغلاق مركز أمراض الدم وجراحة اليوم الواحد، وحرمان أكثر من 150 طفلا مصابا بأمراض الدم المختلفة، للعلاج الأمر الذي حرمهم من المركز الذي طالبوا به قبل 6 سنوات والمعتمد من وزارة الصحة، مما قد يزيد معاناتهم المتسببة في الوفاة لا سمح الله. وأضاف الطالب صلاح هتان الذي يجري عملية نقل دم مرتين شهريا، أن إغلاق هذا المركز يؤثر على دراسته كثيرا. وقال ولي أمر المريضة تولين ان المركز يخدمهم كثيرا، حيث يتم إيصال ابنته في الصباح ويعود لها في بعد الظهر. وطالب أولياء أمور المرضى، بإلغاء قرار إغلاق المركز خاصة وأنه يغطي محافظات صبيا وبيش والعيدابي وضمد وهروب ومراكز قوز الجعافرة والكدمي والقرى التابعة للمستشفى. وعلمت «عكاظ» من مصادرها أن نقص الكوادر الطبية والفنية في المستشفى تسبب في إلغاء العمليات الروتينية وإغلاق عمليات جراحة اليوم الواحد بالإضافة إلى إغلاق مركز أمراض الدم الوراثية. وقد حصلت «عكاظ» على قرار صادر من المدير الطبي في المستشفى يؤكد هذا العجز، كما تخوف الأطباء من استمرار العجز الذي قد يؤدي إلى إغلاق مركز تنظير الجهاز الهضمي بسبب وجود ممرضة سعودية وحيدة كانت قد رفضت مساعدة الطبيب في عمل التنظير للرجال الأمر الذي جعل المرضى ينتظرون علاجهم منذ شهر. كما أكدت المصادر أن هناك أقساما تم افتتاحها بدون قوى عاملة منذ عدة سنوات كما استقال ثلاثة أطباء تخدير ونقل الرابع إلى مستشفى الأمير محمد بن ناصر الأمر الذي تسبب في إغلاق عمليات جراحة اليوم الواحد، حيث لم يتبق بالمستشفى سوى طبيبي تخدير يقومان بالمناوبة خمسة عشر يوما بالشهر مما لا يستطيعون معه إجراء العمليات الطارئة والروتينية. مسؤول يكشف: 22 طبيباً استقالوا.. ولا مختصين بالدم أكد مسؤول في صحة جازان «فضل عدم ذكر اسمه» أن أسباب النقص، تعود إلى عدم اعتماد قوى عاملة لمستشفى صبيا العام واستقالة أطباء الأطفال ونقصهم وعدم وجود أطباء مختصين بالدم، تابعين لمركز الدم حيث يوجد حاليا طبيب عام غير مختص. وأوضح أن نقص الكوادر الطبية والفنية في مستشفى صبيا العام يعود لاستقالة 22 طبيبا من المستشفى، ولم يتم التعويض لأي منهم، وابتعاث أكثر من 20 ممرضة وممرضا دون توفير البديل، كما أنه تم إحلال التمريض الأجنبي بالمستشفى بمساعدات صحيات ليس من مهامهن متابعة المرضى والإشراف على علاجهم. وأضاف: هناك قراران من إدارة المختبرات بصحة جازان (حصلت «عكاظ» على نسخة منها)، بأنه يجب إيقاف عملية تحضير الدم حتى يتم اتخاذ إجراءات السلامة اللازمة لضمان عدم حدوث مضاعفات للمرضى، مشيراً إلى أنه حتى الآن لم يتم اعتماد المركز رسميا والدليل عدم وجود قوى عاملة حتى تاريخه. وبين أنه سيتم متابعة المرضى في أقسام التنويم والطوارئ ومتابعتهم من قبل أطباء الباطنية الموجودين بالمستشفى وستتم عملية نقل الدم تحت إشراف الطبيب. موظفون: ذبحتنا الحسومات اتهم عدد من الموظفين في المستشفى عبر «عكاظ»، مدير المستشفى، بالحسم من رواتبهم دون إشعارهم. وكشف عدد منهم (تحتفظ «عكاظ» بأسمائهم) أن المدير تجاهل تعميم وزارة الخدمة المدنية في إشعار الموظف عن أسباب غيابه ومن ثم إصدار قرار بالحسم من راتبه بعدد أيام الغياب إذا كان بدون عذر، وذلك من خلال الخطاب الموجه من مدير المستشفى إلى مدير المتابعة (تحتفظ «عكاظ» بنسخة منه) وأضافوا أن إدارة المستشفى قامت بتجاهل تعميم الوزارة وتعميم هيئة الفساد (نزاهة) حول منع أي موظف فني من القيام بمهام إدارية والرفع بأسماء جميع الفنيين الذين يشغلون وظائف إدارية. مدير الصحة: تعاقدات جديدة لحل الأزمة اعترف مدير الشؤون الصحية بجازان الدكتور أحمد سهلي، في وقت سابق، بوجود عجز في الكوادر، مؤكداً عمل المديرية حالياً على استقطاب الأطباء من الخارج. وقال: لدينا لجان تعاقد سوف تذهب قريباً إلى مصر وبعض الدول من أجل استقطاب بعض الكوادر وتم الرفع لوزارة الصحة بحاجة المنطقة للتحول للتشغيل الذاتي حتى تكون الوظائف في المنطقة جاذبة وقادرة على المنافسة. وأضاف سوف تكون هناك تعاقدات جديدة ستكون من أجل حل هذا العجز.