يمتلك البعض قدرة «سلبية» فائقة في طمس ما لا ينسى من الذكريات العزيزة، وتهميش أصحابها الذين تقاسموا معهم حميميتها وتفاصيلها، وأمضوا معا سنينا من العمر في تطريزها بفيض من المواقف، ورسم وبلورة الكثير من الآمال والتطلعات والصور المترعة بالحب والوفاء والتضحية. قدرة «سلبية» خاصة لدى هذا البعض، يتحول معها ومن خلالها، كل ما ذكر وسواه، إلى سراب، ولا تقف «خواص» هذه القدرة السلبية، عند هذا القدر من السلاسة المتناهية من «الانسلاخ» لدى هذا «الصنف» من البشر، فثمة خاصية أخرى تمنحه نفس السلاسة في تحويل مشاعره إلى «رداء» يجيد تكييف مقاساته كيف يشاء فيخلعه عن هذا، ليلبسه لمن يليه في «الدور». إلا أن الأكثر سوءا مما سبق، من تجده لا يكتفي بكل ذلك التجرد والانسلاخ، بل يجد أن من «تمام» قيمه ومقوماته، النيل من حبيب الأمس، بمجرد توجيه سنارة مصالحه نحو «صيد جديد»، إلا أن هذا الارتزاق البخس. عن طريق توظيف «المشاعر المزيفة» حسب رياح المصلحة، لا يمكن له أن يعمر طويلا، فسرعان ما تأتي نهايته وخيمة وصافعة لهذا «الصنف المتلون» من البشر. وعادة ما يتلقى مثل هذا «الصنف الحربائي» صفعة النهاية لمسلسل خداعه وضحايا «زيف مشاعره» على يد أحد «المحنكين» المتابعين جيدا لصاحب هذه البضاعة الممجوجة، وحتى تكون صفعته لهذا «المتلون» صائبة وموجعة وحازمة، يتعمد منحه أقصى مساحات الصبر والوقت، لعرض «بضاعته» حتى إذا ما أخذ يمني النفس باقترابه من «غايته» قام بتلقينه، ما غاب وغيب عنه من دروس الردع والتأديب، وقدم له جردا دقيقا بكل المواقف والحالات التي سبق له إصابتها بلؤمه ونكرانه وتعريه حتى تساقطت كل أقنعته، وتعرى على حقيقته البشعة، التي لم يعد مجديا لها ومعها أي محاولة «للتلوين والتلون» كما لن يكون بوسع كل عمليات «التجميل» إخفاء أي شيء من قبح هذه البشاعة، لأنها لم تعد شكلية بل ضاربة في أعماق التركيبة.. والله من وراء القصد. تأمل: والنفس من خيرها في خير عافية والنفس من شرها في مرتع وخِم. فاكس: 6923348