يشكو سكان كيلو 6 من الفئران التي باتت تشكل خطرا يقلق السكان، وتمثل معاناة جسيمة لهم. حيث تتجمع ليلا بكميات كبيرة محدثة ثقوبا في الجدران التي تآكلت بفعل ذلك، وحفرا تملأ الأزقة والبيوت الشعبية التي أصبحت ملاذا مفضلا لها، فيما عزا الباحث البيئي الدكتور علي عشقي ذلك إلى انتشار الفضلات الغذائية في حاويات النفايات إضافة إلى عدم التخلص الفوري منها وهو ما يؤمن للفئران كميات كبيرة من الغذاء تساهم في تكاثرها وانتشارها حول هذا المصدر. ويستهل المواطن عبيد كاسب حديثه ل «عكاظ» قائلا: أصبحت الفئران من أكثر المشكلات التي تهدد العديد من الأحياء العشوائية في مدينة جدة وفي مقدمتها الكيلو 6، إذ يعاني السكان كثيرا من انتشارها بكثافة في أزقة الحي مما يشكل خطورة على الصحة، وعلى البيوت الشعبية التي استحالت جدرانها إلى ثقوب نتيجة الحفر المستمر الذي تحدثه هذه الفئران، مضيفا: في بداية الأمر اعتقد الجميع أن أعداد الفئران محدودة، إلا أنهم اكتشفوا أنها تنتشر بكثافة في الحي، وذلك ما ينذر بكارثة بيئية بحاجة ماسة إلى تدخل الجهات المختصة وفرق الأمانة، لوضع حلول عاجلة لمكافحتها، والحد من مخاطر الأمراض والأوبئة التي تنتج عنها. ويلتقط أطراف الحديث المواطن محمد نشمي قائلا: ألحقت الفئران ضررا كبيرا في سيارتي، حيث إنها تنتشر بكثافة في المساء، وقد تسببت في قطع بعض الأسلاك الكهربائية، وإتلاف قطع الغيار وغيرها من معدات المركبة، فأصاب العطب نظام التكييف والإضاءة، إضافة إلى أنني اكتشف كل فترة خللا جديدا في المركبة نتيجة عبث الفئران التي أصبحت أحد أكبر المشكلات التي نواجهها في الحي، ولم تعد أساليب المكافحة التقليدية كمصائد الفئران وغيرها تجدي نفعا. يشاركه الرأي محمد باعلي وغيره من سكان الحي، لافتين إلى أن الفئران أصبحت تمثل مشكلة كبيرة ليس لسكان الكيلو 6 فحسب، بل إنها طالت العديد من الأحياء العشوائية ما يستوجب تضافر الجهود لمكافحتها، ووضع حلول جذرية على المديين القصير والطويل للحفاظ على صحة الأهالي من الأمراض والأوبئة التي تسببها إضافة إلى سلامة البيئة، موضحين بأن آثار الفئران بادية بوضوح على أزقة الحي وبيوته الشعبية التي لا تحتمل عبثها، والتي أصبحت لا تخلو من مصائد الفئران، التي شوهت جدرانها، وملأتها حفرا وثقوبا. في المقابل يؤكد الباحث البيئي والأكاديمي بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور علي عشقي أن الفئران التي تنتشر حاليا في هذه الأحياء تنقسم إلى نوعين أحدها النوع المألوف وهو أقل خطورة من النوع الثاني وهي الفئران المستوردة من الخارج، والتي جاءت في الحمولات القادمة عن طريق السفن التجارية. مشددا على أن الوعي البيئي هو الحل الأساسي والطريق الأفضل لمكافحة الفئران باعتبار أن مخلفات القمامة وانتشار الفضلات الغذائية في الحاويات هو السبب الرئيسي لانتشارها، وتوفير الغذاء لها، وهو ما يساعد على تكاثرها وتوطنها في المكان المصدر، مشددا على ضرورة العمل على نظافة المكان والتخلص السريع من المخلفات والنفايات حتى لا تكون مرتعا لتكاثر هذه الفئران. ويشير عشقي إلى أن الأحياء العشوائية والبيوت الشعبية تعد بيئة خصبة للفئران، وذلك لامتلاء الجدران بالثقوب والشقوق التي تشكل جحورا آمنة لها، لافتا في الوقت ذاته إلى أهمية إطلاق العديد من البرامج والمبادرات التي تطلقها الأمانة مثل مبادرة بلا قوارض وغيرها من المبادرات، للمساهمة في تقليص عدد الفئران الموجودة في الكورنيش على سبيل المثال، مفيدا بأن خطط تطوير الأحياء العشوائية ستسهم بشكل كبير في مكافحة الفئران التي تكثر في المناطق العشوائية، كما أوضح في حديثه ل «عكاظ» ضرورة فحص الحاويات، والقضاء ما أمكن على الفئران الموجودة بداخلها حتى لا تنتقل إلى مكان آخر عن طريق الخطأ، لافتا إلى أن سد الفجوات التي بداخل الصخور السوداء الموجودة في الكورنيش سيسهم كثيرا في تقليص انتشار الفئران، محذرا من الأمراض التي تنقلها وخطورتها على الصحة العامة وسلامة البيئة، مؤكدا أن التحكم البيولوجي هو أحد أبرز الأساليب التي تستخدم اليوم في مكافحتها، ومنعها من التكاثر..