باتت شواطئ بحر جدة حاضنة لأكبر تجمع للفئران في المدينة، منظرها وهي تتسابق على قضم ما تبقى من نفايات الأكل، أو عندما تتسلل بين مرتادي الشاطئ مثيرٌ للقرف ومقزز للنفس البشرية، ومدعاة لأن تلغي كثير من العائلات ما تبقى من وقت النزهة لتهرع إلى سياراتها متوجهة إلى مكان أكثر نظافة أو ربما الأوبة إلى المنزل. ويصف الخبير الزراعي المهندس محمد بخاري هذه الفئران بأنها من النوع البلجيكي إذ يصل وزنها في العادة إلى نصف كيلو غرام، ويستفيض في الحديث:«لقد ملأت جدة، ووصلت إلى مكة وهي تظهر للناس في دورات المياه، إذ تتسلل من طريق «المواسير»، وهي ناقلة لمرض الطاعون، وتسببت في الثلاثينات الميلادية في مقتل 30 مليوناً من مواطني أوروبا». وبحسب الخبير الزراعي، فإن الخطورة تكمن في احتمال تعرض كورنيش جدة للانهيار، إذ يرى أنه ليس مصمماً بطريقة علمية، ويمضي: «الكورنيش الحالي عبارة عن خشب وحديد ومجموعة من المخلفات، تم ردمها، ووضعت عليها الصخور، إلا أن الفئران تحفر هذه الصخور، وتحدث بداخلها فجوات يعبر من خلالها الماء، ما قد يؤدي إلى انهياره، وللأسف ليست هناك إمكانات للكشف عن هذه الحفر»، مطالباً بالتحرك سريعاً للتوعية البيئية والصحية، بعدم رمي مخلفات الأكل على الكورنيش، حتى لا تتغذى عليها الفئران، ودلل على خطورة الفئران بمثال استحضره من الصين عام 1954 عندما انتشرت هذه القوارض في الشوارع والطرقات، ووضعت جوائز للمواطنين تكافئهم على اصطيادها والتخلص منها. وحمل بخاري «أمانة جدة» المسؤولية في تفشي انتشار الفئران وتكاثرها، إضافة إلى وزارة الزراعة، وتابع:«من المفترض أن يكون جزء من مهمة المكافحة على عاتق وزارة الزراعة، ففي دولة الإمارات توصلت الوزارة إلى حل للقضاء على الفئران باستخدام نخالة تحوي مواد كيماوية تنبعث منها رائحة مشابهة لرائحة الجبن، عندما تأكل منها الفئران يصيبها انتفاخ فتموت». وأضاف:«بدلاً من ذلك استوردت الأمانة الغربان للقضاء على الفئران، لكنها لم تفلح في مهمتها، بل أصبحت لديها مشكلتان عجزت عن حلهما». وفضلاً عن الفئران وتكاثرها، حذر الخبير الزراعي من وجود مئات الآلاف من حيوان الوطواط في السعودية وتحديداً - حسب إفادته- في منطقة عسفان (شمال جدة)، وفي الجهة الغربية لجامعة الملك عبدالعزيز، مشيراً إلى أنها تنقل كثيراً من الأمراض، وتعرف بأنها «مصاصة الدماء». من جهته، أقر الناطق الرسمي باسم الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة حسين القحطاني بأن وجود الفئران في منطقة الكورنيش (على الساحل الشرقي لجدة) منظر غير حضاري، فضلاً عن أنها ناقل سريع للأوبئة، وأن تكاثرها في الكورنيش سيؤدي بها إلى الاستيطان داخل المدينة. وأردف:«يشكل وجودها بهذه الصورة قلقاً حقيقياً على الواجهة السياحية، ومنظراً بيئياً غير ملائم»، مشدداً على أهمية مكافحتها والحد من انتشارها. وكشف القحطاني وجود خطط تطويرية تضطلع بها «أمانة المحافظة» بالتنسيق مع الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة، لتحسين الوضع البيئي لكورنيش العروس.