منذ بدء «عاصفة الحزم» وعديد من الكتاب يستدعون في مقالاتهم توصيفات في تشخيص هذه المواجهة غير المباشرة مع إيران تجعلها امتدادا لعداوة تعود لما قبل الإسلام، ويجعلون بهذه العملية تبدو وكأن محركها عرقي ومذهبي وليس قائما على مسوغات موضوعية، وهم بذلك يضرون بالقضية التي يحسبون أنهم ينصرونها، فالسعودية في ذات الوقت الذي تضرب فيه مراكز قوى الحوثيين الموالين لإيران هي تضرب مراكز قوى داعش التي تصنف على أنها سنية سلفية، فعاصفة الحزم لا تعبر عن عداء عرقي ولا مذهبي، إنما هي نتيجة لتضخم غرور الأنا «غرور النفس الإيجو Ego الكبر» لدى صانعي السياسات والقرار في إيران. فما يتصادم ليست الحضارات والأعراق والأديان والمذاهب والشعوب إنما الذي يتصادم هو غرور الأنا المتضخم لدى صانع القرار الإيراني، فغرور الأنا مسعاه الأساسي فرض الهيمنة والإخضاع وهو نزعة غرائزية مشتركة مع الحيوانات، فالحيوانات التي تعيش في جماعات يخوض زعماؤها من الذكور المسيطرة صراعات دائمة على فرض الهيمنة وإخضاع البقية لهيمنة الذكر المسيطر والاحتفاظ بتلك الهيمنة الاستبدادية، أما تبريرها بالمسوغات العقائدية فهذا ما يسمى بالديماغوجية وهى: الخطاب المهيج للتعصب والانفعالات العدوانية لدى الجمهور تجاه طرف معين لكى يستغلها صاحب الخطاب الديماغوجى لمكاسبه الخاصة الأنانية على حساب عموم الناس سواء من الجهة المستهدفة بالتحريض أو الجهة التي يتم تحريضها على حد سواء. فعاصفة الحزم لها مسوغات واقعية موضوعية واستراتيجية ولا تحتاج لاستدعاء أدبيات ديماغوجية هي تماما ما يريده الخصم لكي يقنع أبناء مذهبه بصحة مزاعمه بأن أصل المواجهة هو التعصب المذهبي والعرقي وليس السياسات العدوانية لإيران التي تبدد بها مقدرات شعبها لإرضاء غرور الأنا المتضخم لرؤوس نظامها في مغامرات توسعية عبثية على المدى الطويل..