يلفت انتباه المراجع لبعض الأجهزة الحكومية نوعية الموظفين التي تتفاوت بين أكفاء ومتقاعسين وجاهلين أحيانا، ولكنك تصاب بالصدمة وتصعق عندما يرتكب أحدهم خطأ فادحا قد يكلفك الكثير من الوقت وأحيانا المال أو يحملك مسؤولية فوق طاقتك. هذا الكلام لم يقل جزافا، بل هناك أخطاء فادحة ترتكب وتبرر بكلمة آسف أو تصرف بحسن نية أو جهل من موظف مبتدئ، ولكن هل ينفع الأسف في هذه الحالات التي تمارس من بعض الموظفين وبالذات موظفي الصفوف الأمامية التي تعنى بالمراجعين. ولو أمعنا النظر في تعاملات الموظفين في القطاع الخاص لوجدنا الفارق كبيرا وكبيرا جدا، إذ أن الشركات والمنشآت الأهلية تحرص في تحقيق أهدافها على تدريب وتأهيل منسوبيها بشكل دائم وتعتمد على أسلوب التدوير لمضاعفة الإنتاجية، وقد يكلفهم ذلك مبالغ طائلة، لكن مردوده سيسهم في تقديم خدمات نوعية وجاذبة ويتم تغطيتها في فترات بسيطة، وتستخدم التقنية كأساس في عملها، بينما التدريب في القطاع الحكومي يحتاج إلى إعادة نظر لصقل المواهب وصنع عناصر متميزة قادرة على التجديد والابتكار والإبداع والخروج من دائرة الروتين والمعاملات الورقية إلى التعاملات الإلكترونية التي باتت مطلبا ملحا لاسيما بعد أن طبقت في قطاعات عدة وحققت إنجازات غير مسبوقة وترتب عليها خلو صالات المراجعين من الزحام والتكدس وأسهمت في تحقيق مستويات عالية من أداء العمل. والحديث عن أخطاء الموظفين ومعاناة المراجعين يصعب سردها في مقالة، ولكن أورد منها مواقف محزنة وأخرى طريفة، فهذا موظف يعول أسرته وتعرض لحالة مرضية استدعت إجراء عملية جراحية والحصول على إجازة مرضية وأشعر جهة عمله بها وبعد مضي فترة من الزمن عاد ليباشر عمله ووجد نفسه مفصولا ورغم محاولاته المستمرة والتي لم تتوقف لعدة أعوام إلا أنها باءت بالفشل ولم يتحصل على قرار إعادة قيد؛ والسبب في ذلك تقاعس موظف ضرب بالأنظمة والتعليمات عرض الحائط وتسبب في حرمان شاب من مستقبله. والغريب في بعض الأجهزة تجد المسؤول يبسط الإجراء والموظف يطول الروتين وكأنه يتعمد تطفيش المراجعين، أتذكر أن شخصا راجع دائرة حكومية ولديه إجراء نظامي يتطلب الاستثناء ولم يستغرب من المسؤول البشوش في استقبال المراجعين أن حرر على معاملته «لا مانع من استثنائه» وأحاله لموظف لإكمال الإجراء ولكنه تفاجأ بطلبات أخرى غير ملزمة لإتمام المعاملة يحررها على المعاملة، وتضجر منها لكن الموظف زجره «تعرف مكتب المدير روح له» عاد المراجع لذات المسؤول وبكل رحابة صدر دعاه للجلوس وأنجز له معاملته في دقائق معدودات ولم تكن حالته بمفرده لكن جميع المنتظرين إلى جواره يحملون نفس المعاناة. ومن أغرب أخطاء الموظفين أن تجد العذر والإنجاز في وقت سريع وقياسي، فهذا مسافر تعثر سفره وكاد أن يتكبد خسائر في تذاكر الطيران والحجوزات رغم أنه لا توجد لديه ملاحظات تعوق سفره لكنه بسبب خطأ موظف تأخر سفره لساعات وفي المحصلة وجد كلمة «آسف الموظف بحسن نية ارتكب خطأ لست المقصود فيه»، وأنجز سفره مع خدمات إضافية. لذلك، وفي ظل الأخطاء المستمرة والتي لسنا معصومين منها طالما الإنسان يعمل فهو معرض للخطأ والصواب، ولكن يجب أن تركز الأجهزة الحكومية على موظفي الصف الأمامي ممن يسند لهم إنجاز معاملات المراجعين على تدريبهم وتأهيلهم والبدء الفعلي في استخدام التقنية لاختصار الوقت والجهد وتذليل كل العقبات التي تحول دون تحقيق هذا الهدف المنشود واستنساخ تجربة بعض القطاعات ومنها وزارات الداخلية، العمل، التجارة وغيرها والتي باتت المعاملات فيها تتم أحيانا من المنازل دون عناء الذهاب والوقوف في طوابير المراجعين.