ضمن آليات التطوير الإداري في الجهاز الحكومي، جاء نظام البصمة الذي يجري تطبيقه على قدم وساق لضبط حضور الموظفين وانصرافهم وحتى شمل الجهاز التعليمي الذي ألزمته وزارة التربية والتعليم به بقرار يحسب للوزارة لضبط هذا القطاع العرمرم ومجابهة حالات «التزويغ» التي تؤثر فيه تأثيرا سلبيا وبالتالي تؤثر في المجتمع بصفة عامة. ولا بد من الاعتراف بأن التوسع في تطبيق هذا النظام ، ليشمل كافة الدوائر الرسمية قد قلص حالات الغياب غير المبرر الذي طالما عانى منه الجهاز الحكومي وأنهك المواطن الذي تسوقه قدماه إلى مراجعة معاملاته أمام مكاتب خاوية لموظفين ليسوا في إجازة لكنهم يسترقون وقت الدوام لقضاء مصالحهم الشخصية دون اعتبار لمسؤولياتهم أو تحليل للرواتب التي يتقاضونها في المقابل والعجيب أن الموظف الذي يهدر حق المواطن في دائرة عمله يصبح مجنيا عليه إذا ما راجع معاملة له في دائرة أخرى ولم يجد الموظف وكذا تدور الدوائر على الجميع دون أي تنازل عن هواية التزويغ. أما الأعجب فإنه رغم هذا الانضباط في دوام الموظفين الذي حققه نظام البصمة إلا أن الهدف الذي يرمي إليه النظام والمتمثل في سرعة إنجاز المعاملات وقضاء حاجات المواطنين بيسر وفي زمن قياسي لم يتحقق ولم يخط قيد أنمله ، فلاتزال المعاملات تتراكم في محابس الإدراج شهورا وأعواما ولا مبالغة في زمن الجحود فهناك معاملات بالفعل ترقد في سبات لأعوام دون أن تجد طريقها إلى الحل ولو حتى بالرفض المبرر. وحتى يؤتي هذا النظام العصري أكله في قياس أداء الموظفين وسرعة إنجاز معاملات المراجعين، أقدم مقترحا لا يحتاج إلى نفقة ولا كبير جهد وذلك بوضع آلية لتقييم أداء كافة الموظفين دوريا في اجتماع برئاسة رئيس القسم أو مدير الإدارة وتخصص له الساعة الأخيرة من كل أسبوع يتم فيه تمحيص حجم الإنجاز ومدى التقصير لكل موظف بناء على حصر المعاملات التي أحيلت إليه خلال الأسبوع، وتمنح له نقاط مؤثرة في مسيرته العملية : الترقية التدريب الابتعاث للخارج مكافأة خارج الدوام وخلافه من المميزات التي تمنح للموظفين عادة. ولا شك أن هذا الإجراء ممكن أن يؤثر تأثيرا إيجابيا في أداء الإدارات الحكومية وخاصة في الدوائر التي عرف عنها إطالة عمر إنجاز المعاملات وسوف يرفع كثيرا من العبء عن كاهل المواطن الذي يتردد عليها مرات دون جدوى ودون محاسبة للمقصر حتى أصبحت عبارات «راجعنا بكرة» أو «الموظف في إجازة» أو «خرج لأخذ أبنائه من المدارس» أو «المعاملة مقفل عليها لدى موظف آخر» وغيرها من التبريرات اللا نظامية ، والتي جعلت العمل الحكومي مثلا للتندر لدى العامة وشعارا للتسويف والروتين المقيت. لاشك أنه توجد سلبيات كثيرة تصاحب عدم إنجاز المعاملات في وقتها منها الاقتصادية والاجتماعية والمرورية وغيرها بجانب تضرر صاحب المعاملة، ولأن تعميم الحكم ليس من العدل فلايزال الخير باقيا في جزء من الموظفين يتبنى ثقافة الالتزام بالدوام ويحرص على سرعة إنجاز المعاملات طبقا للنظام ، فمتى تتفشى هذه العدوى الحميدة في الجهاز الحكومي؟!. آخر الكلام : الوقت كالسيف.