غزاي بن نزال الحربي سعودي ضعيف الحال وكبير في السن ولا يجد من يعوله توفي الأسبوع الماضي في مستشفى الملك فهد التخصصي ببريدة بعد تدخل وتوجيه من أمير منطقة القصيم لنقله من محافظة الأسياح الى المستشفى وقد تابعت «الرياض» قصته، حيث كان لتأخير الإجراءات الروتينية من قبل الجهات الصحية دور في تدهور حالته، وانتقل إلى رحمة الله. وكذا تأخرت حقوقه في الشؤون الاجتماعية حيث لم يسلم الضمان شيكه بسبب بيروقراطية أنظمة الشؤون الاجتماعية، ووصل الشيك بعد أن أثير الموضوع صحفياً وتدخلت أعلى سلطة إدارية في المنطقة، وكان قد انتقل إلى رحمة الباري. وقضية هذا المواطن من جانب أثر التعقيدات الإدارية وسلبياتها التي تعكس تأثيرات مختلفة هي موضوعنا في هذه الصفحة اليوم وفي أسابيع قادمة خاصة وأن التوجيهات السامية الدائمة من خلال مجلس الوزارء تنص بين فترة وأخرى على ضرورة الاهتمام بسرعة إنهاء معاملات المواطنين في كافة قطاعات الدولة، وعدم تأخيرها دون أسباب جوهرية تستحق وقفها أو تأخيرها. أين راحة المواطن؟ بداية استعرضنا رأي عدد من المواطنين حول قضية تسهيل إجراء معاملاتهم خلال مراجعاتهم الإدارية في مختلف الأجهزة الحكومية، حيث قال سالم الغامدي ان المواطن عندما يراجع أي جهاز حكومي لا يلاحظ أي تقدم في تطوير الإجراءات أو تسهيلها لخدمة المواطنين بل اننا نلمس زيادة في التعقيد في بعض الأجهزة، وللأسف أن هذا التعقيد يتم من خلال الحاسب الآلي الذي يفترض أن يسهل على الناس، ففي بعض الأوقات يقول لك الموظف أن برنامج الحاسب يتطلب منك عددا من الخطوات الطويلة حتى تنتهي معاملتك ومرة قد تتأخر بسبب بطء في النظام، أو يتعطل وقد لاتجد الموظف الذي يعمل على الجهاز، وعدد من التبرارات الغريبة التي تتكرر ولا يوجد لها حل نهائي، وحتى عندما تراجع مسؤولا كبيرا في جهاز الدولة أو حتى في القطاع الخاص لا تستطيع الوصول له لنقل شكواك أو ملاحظاتك، وقد تستطيع الوصول له ولاتجد الحل في أغلب الأحيان لان الأعذار موجودة لتصريف المواطن في أي وقت يريدون. من جانبه قال يحيى الناصر إن الحديث عن هذه التعقيدات يصبح مملاً، وإذا تفاءلنا بوجود أنظمة الحاسب الجديدة التي تستخدم لراحة المراجع، لا بد أن نجد هناك إضافة في الإجراءات والتعقيدات لإنهاء أي معاملة ترغب في إنهائها، فمثلاً قدم موضوعك بطباعة خطاب أو تعبئة نموذج ثم رحلة من التوقيعات الطويلة، ويجب أن تتنقل بين المكاتب حتى تنهي معاملة يفترض أنها تنتهي في ساعة أو أقل، وحقيقة هناك أمثلة جيدة نتمنى أن تتطور الى الأفضل مثل استخراج الوكالات أو الصكوك في الرياض عن طريق كتابات العدل. كما أن أنظمة البنوك الآلية والاتصالات تعتبر جيدة في مساعدة الناس ولكن بلا شك تحتاج لتوسع وتطوير، ففي بعض الأحيان يتعطل النظام أو ينقطع الاتصال أو تأخذ وقتا طويلا لإنهاء إجراء بسيط من خلال الهاتف المصرفي على سبيل المثال، ولو أن البنوك كثيرة حسب ما يرى الناصر لرأينا تطورا أكبر في تسهيل أعمال المواطنين، ولكن تبقى المشكلة الأهم في كثير من الانظمة المعقدة في أكثر الأجهزة الحكومية التي تحتاج لتجديد وتنشيط يخدم الوطن والمواطن. وتمنى سلمان الماجد أن تحرص الكثير من القطاعات على تنفيذ توجيهات ولاة الأمر التي تكرر دوماً وتركز على ضرورة معاملة كل مواطن ومراجع بكل اهتمام، وأن يحرص موظفو هذه القطاعات على خدمته بالشكل المطلوب، وعليها في الوقت نفسه واجب تطوير أعمالها بأحدث الانظمة التي تخدم الناس وتساعدهم على قضاء حوائجهم، والوضع الحالي يوجد فيه الكثير من السلبيات التي تعد بمثابة معوقات يجب أن توضع لها حلول تسهم في تسهيل كافة معاملاتنا وخدماتنا بشكل حضاري ومتقدم. رأي متخصص الدكتور سالم القحطاني أستاذ الإدارة العامة المشارك بجامعة الملك سعود بالرياض أكد في طرحه للموضوع وجودا حقيقيا لضياع الجهد والوقت في المراجعات الروتينية المعقدة في مختلف الأجهزة الحكومية في الوقت الذي نحلم فيه جميعاً بما يسمى (الحكومة الإلكترونية) مشيراً الى ان الحديث عن انتهاء التعقيد والروتين من أجهزتنا هو في ذاته ضياع للوقت لأن الروتين والتعقيد قد أصبح سمة مستديمة في كثير من الأجهزة الإدارية ليس على مستوى المملكة العربية السعودية فحسب وإنما على مستوى العالم أجمع، ولكن الحديث يجب أن يكون متى نستطيع تخطي مصاعب الروتين والتعقيد ونقلل من ذلك الروتين والتعقيد على الحد الذي نستطيع العيش معه وتحقيق بعض مصالح المجتمع دون أن يكون هناك صعوبات تتسبب في ضياع الحقوق في بعض الأحيان. وأكد على أن التخلص النهائي من هذا الروتين والتعقيد مع الأسف أمر شبه مستحيل ولكن بالجد والاجتهاد والمثابرة وتوظيف الرجل المناسب في المكان المناسب والبعد عن العاطفة والخلاص من الحرس القديم على الأنظمة الإدارية المعقدة هو المطلوب لهذا الخلاص. وحول إسهام أجهزة الحاسب في التعقيد للكثير من المعاملات بعكس ما يفترض أن تكون مساعدة في سرعة الإنجاز وبالتالي إراحة المراجعين قال الدكتور القحطاني يفترض بالطبع أن أجهزة الحاسب هي احدى الأدوات التي نستخدمها لحل المشاكل والإسراع في تقديم الخدمات للمراجعين، ولكن عندما لا يحسن استخدامها من يعمل عليها من الموظفين أو عندما يسيء استخدامها إما جهلاً أو عمداً، فانها بلا شك تصبح عائقا يواجه الإسراع بإنهاء معاملات المراجعين. وكذلك في بعض الأحيان يكون جهل المواطن والمستخدم هو العقبة الكبرى في هذا المجال، فاستخدام الحاسب يتطلب ثقافة إلكترونية من الجميع وهذا ما قد يتأخر تحقيقه. وعن حلمنا المشروع نحو تطبيق الحكومة الإلكترونية في ظل التأخير الحالي لمراجعات المواطنين اوضح أستاذ الإدارة العامة ان الإنجازات الحالية تبدأ في أي مكان في العالم بالأحلام، ولكن يجب أن تكون الأحلام واقعية وممكنة التحقيق ومحددة بوقت وممكنة القياس حتى تتحقق لمن يسعى وراء تحقيقها. واضاف لقد كان من الأحلام أن تصبح المملكة في مصاف الدول المتقدمة في كثير من المجالات وها هي اليوم قد حققت تقدماً كبيراً في مجالات من أهمها صناعة النفط والبتروكيميائيات والغاز، واننا نستحق أن نحلم بأن يتجاوز المواطن السعودي في وقت قريب ومن خلال تطبيق خطة تعليم وتطوير معينة ندعمها بالمال المتوفر واللازم والسياسات الحكومية الرشيدة هذه التعقيدات الإدارية الحالية في الكثير من أجهزتنا. وحول وجود تقصير من الجهات القائمة على التطوير الإداري بالمملكة، بحيث لا نرى تطبيقاً واقعياً وحقيقياً لم نسمع عنه من دراسات إدارية تختصر اغلب الإجراءات في القطاع الحكومي بالذات قال القحطاني إن الاختصار الممكن لكثير من الإجراءات يستلزم نية وعزما أكيدين يدعمه قوة وإرادة حكومية وسياسية، وتحقيق هذه المعادلة يواجهه الكثير من المشكلات والصعوبات نظراً لاختلاف الأولويات عند الأطراف المعنية بالتطوير الإداري وبعد كل منهما عن الآخر. بل إن من المشكلة حسب رأينا تكمن في كثير من اللجان التي تحال إليها مسألة التطوير الإداري لأنه يتحقق بشأنها المقولة الإدارية الشهيرة إذا أردت أن تقتل موضوعاً فأحله على لجنة. وبالنسبة للتوجيهات من ولاة الأمر التي تركز على تسهيل أعمال المواطنين وعدم إهدار أوقاتهم وجهودهم، ولماذا لا تترجم من وجهة نظركم هذه التوجيهات على أرض الواقع فأجاب عنها القحطاني بقوله: (لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي) وهذا هو ما ينطبق على الكثير من الموظفين الذين يفترض منهم السعي لتسهيل وتطوير الأعمال الإدارية وخاصة تطبيق واستخدام الحكومة الإلكترونية. نعم، صحيح قد لا يكون المجتمع بأكمله جاهزا لذلك ولكن لماذا نراهم يستخدمون هذه التقنية في أعمالهم البنكية بمنتهى التفوق، انه عندما يتاح النظام والتقنية وتكون بشكل موثوق وسهل ومتاح يستخدمها الناس بل ويشكرون من سعى لذلك. ولكن المشكلة في بعض الموظفين الذين يعتبرون أن الهدف الأول من وجودهم في هذه الوظائف هو خدمة النظام والعمل على تطبيقه وينسون انهم موجودون لخدمة المواطنين وانهم في الأساس موظفو خدمة عامة أو خدمة مدنية كما يطلق عليها في المملكة ولكنهم وللأسف بعيدون عن هذه الرؤية ويحتاج البعض منهم لمزيد من التثقيف والبعض الآخر يحتاج وربما يفترض أن يطلب أو يحال للتقاعد المبكر، أو تتم المسألة بالمعالجة الناصحة لوضعه حتى يكون لبنة بناء وليس لبنة إعاقة وهدم، تسهم في استمرار تأخر المجتمع ولا تساعد على التقدم المطلوب كما يفترض.