لم يكن اهمال وزارة المياه لتساؤلات «عكاظ» حول أزمة مياه مرتقبة في محافظة بيشة، إلا نقطة في بحر معاناة الأهالي من طول الإهمال، وعدم التجاوب، في وقت تضاعفت حدة القلق في المحافظة ومراكزها، خوفا مما يمكن أن يحل عليهم، متهمين الوزارة بتباطؤها في توفير المصدر الآمن لمياه الشرب لسكان المحافظة. ورغم وجود محطة تنقية للمياه على بحيرة سد الملك فهد منذ 17 عاما، بلغت تكلفتها ما يزيد على 80 مليون ريال، إلا أن نسبة كبيرة من السكان أعرضوا مؤخراً عن استخدام مياهها بحجة تلوث البحيرة بمياه الصرف الصحي القادمة من عسير. ورغم التنفيذ السلحفائي لمشروع «الوجيد» في منطقة الربع الخالي، منذ أكثر من 5 سنوات، بمبلغ مالي ضخم قدر بمليار ونصف المليار ريال، والمقرر أن يزود بيشة وتثليث بالمياه، إلا أن مصادر «عكاظ» تؤكد عدم الاستفادة منه قبل 3 سنوات من الآن، من هنا نبع القلق في نفوس الأهالي الذين يبلغ تعدادهم نحو ربع مليون نسمة هم سكان بيشة ومراكزها، حيث أصبح الماء هو هاجسهم الأول، ومحور الأحاديث في مجالسهم، وسط استياء شديد من تساهل وزارة المياه بهذه القضية الهامة في حياتهم. ما إن وصلت المياه المعالجة من محطة الصرف في خميس مشيط إلى بحيرة سد الملك فهد في بيشة واختلطت بالمياه المخزنة في البحيرة، حتى عزف الكثير من السكان عن التزود بالمياه من محطة التنقية المقامة على البحيرة، التي اعتمدوا عليها منذ ما يقارب 14 عاما، واتجهوا للتزود بالمياه من الآبار والأشياب الخاصة، واتهموا مديرية المياه في عسير بالتسبب في تلويث البحيرة لعدم استشعار الخطر بوقت كاف، قبل اقتراب مياه الصرف للبحيرة ومنع اختلاطها بالمياه المخزنة، وتحويلها لأماكن بعيدة، وحملوا الوزارة ومديريتها المسؤولية كاملة باستبعاد بيشة من قائمة المحافظات المشمولة بمياه التحلية من البحر، وبتساهلها في إبعاد مياه الصرف عن «بحيرة السد» المصدر الحالي للمياه في بيشة، ولتأخرها في إنجاز مشروع الوجيد رغم وعد الوزارة بإيصاله لمحافظة بيشة خلال عام من البدء فيه. وكانت «عكاظ» نقلت قبل ثمانية أعوام، وتحديدا في 22/11/ 1428ه، قلق الأهالي من تلوث بحيرة السد، الأمر الذي واجهته المديرية وقتها بالوعود على لسان مديرها بحل هذه المشكلة ونقل الفائض خارج الوادي إلا أن ذلك لم يحدث في حينه مما تسبب في اختلاط مياه الصرف بمياه السيول المخزنة خلف السد. وجدد سكان بيشة مؤخرا نداءاتهم لتزويد المحافظة بالمياه المحلاة من البحر، خاصة أنها أصبحت على مسافة تقل عن 100 كم فقط من محافظتهم، حيث قامت الوزارة بإيصال المحلاة لكافة محافظات ومراكز المنطقة الواقعة على شريط السراة حتى محافظة بلقرن على بعد من محافظة بيشة يقل عن 100 كم. واتفق عبدالله محمد القرني، وعامر سليم الأكلبي، ومشبب مسعود المعاوي، على أهمية إيصال المياه المحلاة إلى محافظة بيشة، وقالوا إن الوزارة قادرة على إيصال مياه الشرب إلى بيشة ومراكزها بأقصر الطرق مسافة وأقلها تكلفة، وإنه كان يجب على الوزارة عندما رسمت استراتيجيتها، وضع محافظة بيشة ضمنها، ووضع المحافظة في خطتها التي رسمتها لتزويد محافظات المنطقة بمياه الشرب المحلاة من محطة الشقيق، حيث لا تبعد بيشة كثيراً عن أقرب نقطة لمياه التحلية سواء عن طريق خميس مشيط أو سبت العلاية، مستغربين استبعاد بيشة من هذه الخطة، والوعود «العرقوبية» التي تطلقها الوزارة بين وقت وآخر بحل هذه المشكلة. وأكد المعاوي والقرني والأكلبي على أهمية الإسراع في تزويد المحافظة بالمياه، والإسراع في تنفيذ المشاريع الكفيلة بذلك، وعدم الاعتماد على محطة التنقية في وادي بيشة حالياً، والتي عزف عنها السكان بنسبة كبيرة جداً، واعتمادهم على الآبار الخاصة في الأودية رغم عدم صلاحيتها. وعلى وتيرة المقولة الشهيرة «مصائب قوم عند قوم فوائد»، استغل أصحاب الأشياب الخاصة في بيشة عزوف السكان عن مياه التنقية على سد الملك فهد، وتوجههم للتزود بالمياه من الخاصة، فرفعوا أسعارهم مع بداية هذا الصيف، ولم يجد المستهلك بداً من الانصياع لهذه الأطماع، وتحمل الزيادة، «مكره أخاك لا بطل»، لكنهم قلقون من المستقبل القريب عند اشتداد حرارة الجو، وتناقص المياه في تلك الآبار ونضوبها، والتي سيقابلها حتماً رفع جديد للأسعار لأضعافها مثنى وثلاث ورباع. وطالب محمد بن ناصر البيشي وزارة المياه والجهات المسؤولة ذات العلاقة بتحمل مسؤولياتها في إيجاد حل عاجل وجذري لهذه المشكلة قبل استفحالها، وتأثيرها على سكان المحافظة «عكاظ» ومن مبدأ مسؤوليتها، واستشعارها لحاجة السكان للمياه، جددت طرح القضية، وأرسلت عدداً من الاستفسارات لوزارة المياه، ولمديريتها في منطقة عسير قبل شهر من الآن وتحديداً في 14/4/1436ه، لكن الوزارة والمديرية معاً تجاهلتا تزويد الصحيفة بالرد، رغم تأكيد الناطق الإعلامي للمديرية في عسير المهندس علي القاسمي باستلامهم للاستفسارات، وإعداد الإجابة على ما يتعلق بالمديرية خلال 48 ساعة، مبينا أن الإجابة أرسلت للوزارة بناء على طلبها منذ وقت مبكر.