تضاعفت مسؤولية فريق النادي الأهلي بعد فوزه ببطولة كأس ولي العهد مساء أمس الأول، بهدفين مقابل هدف واحد، أمام فريق الهلال بعد مباراة متوسطة.. كشفت ضعف الفريقين وعدم جاهزيتهما لخوض مباراة نهائية.. لأسباب مختلفة.. بعضها نفسي وإداري وتنظيمي (كما في حالة الهلال)، وبعضها الآخر عناصري وتكتيكي (كما هو في حالة الأهلي) الذي فقد لاعب الوسط المؤثر (برونو سيزار) ولم يستفد من خدمات المهاجم الخطير عمر السومة مع بداية المباراة.. واستعان به بعد مضي (57) دقيقة من الشوط الثاني رغم إصابته فغير وجوده مجرى المباراة بالكامل.. وحمل الأهلي إلى منصة التتويج عن استحقاق حتى بعد طرد الحكم لحارس الفريق الأهلاوي (المعيوف)، ولعب الفريق (25) دقيقة من المباراة ب(10) لاعبين وبالحارس الاحتياطي (ياسر المسيليم) بعد تجميده على دكة الاحتياط لمدة موسمين أو أكثر.. دون أن يلعب مباراة واحدة على الإطلاق. ورغم هذا التجميد الذي لا يجب أن يستمر بعد اليوم إلا أن «المسيليم» استطاع أن يصد ضربة «بنالتي» سددها نواف العابد بنصف مزاج أرضية وعلى يمين الحارس الأهلاوي في وقت حساس، وتصدى لها بنجاح بالارتماء في الاتجاه الذي أرسلها إليه «نواف» ضعيفة، وتمكن الحارس منها لأنه اعتاد على البروز في التصدي للضربات المشابهة من جهة.. ولأن نواف سددها بتركيز أقل.. وبقوة غير كافية للدخول إلى المرمى لحالته المزاجية التي لم تكن على ما يرام منذ بداية المباراة. وبكل تأكيد.. فإن ضياع هذه الفرصة التي كان يمكن أن تغير -من جديد- مجرى المباراة.. وتقلص فارق الهدفين مع الأهلي.. فإن معنويات الفريق الأهلاوي ارتفعت.. وتمكنوا من الحفاظ على مرماهم إلى أن تمكن لاعب الهلال الجديد «سامراس» أن يسكن في شباكهم الهدف الهلالي الوحيد برأسية.. تسبب فيها تقدم «المسيليم» وعدم وجود تغطية دفاعية للزاوية اليمنى التي سكنت الكرة بها. صحيح أن الهلال بدأ هذه المباراة بهجوم كاسح خلال (7) دقائق أولى.. كاد يحقق خلالها هدفين نتيجة ارتباك دفاع الأهلي.. وعدم جاهزية أسامة هوساوي لياقيا ونفسيا منذ البداية. وصحيح أن الهلال نشط كثيرا في الدقائق الأخيرة ولا سيما بعد أن أجرى المدرب تغييرين جوهريين خرج بموجبهما كل من «عبدالله الشامخ» و «نواف العابد»ودخل إلى الملعب عوضا عنهما «محمد الشلهوب و «سامراس» إلا أن الأكثر صحة هو أن التغييرات الهلالية جاءت متأخرة، وبالتالي فإنها لم تستثمر النقص العددي في الأهلي بدرجة كافية.. فضلا عن أنها كانت عشوائية وغير مدروسة ومن باب تحصيل حاصل. لكن الغلبة في النهاية كانت لفريق الأهلي للأسباب التالية: 1 - أن المهاجم مهند عسيري.. الذي حل -منذ البداية- محل «السومة» كان أقل جاهزية لهذه المباراة.. بحكم متطلباتها الصعبة وحاجتها إلى مهاجم مقاتل في المقدمة.. غير أن نزول السومة في الشوط الثاني أنهى المشكلة.. وسجل أول هدف في المباراة من اللمسة الأولى وإن ظهر بعد ذلك أن إصابته لم تزل بعد. 2 - أن إحكام دفاع الأهلي ووسطه السيطرة على منطقة خط الظهر أغلقها أمام هجوم الهلال في ظل النقص العددي والتغييرات الاضطرارية التي لجأ إليها المدرب. 3 - أن درجة انضباط وسط الأهلي منذ بداية المباراة وحتى آخرها كانت عالية.. ولاسيما بالنسبة لكل من (تيسير) و (وليد باخشوين وحسين مقهوي). 4 - إن الشعور بالمسوؤلية لدى لاعبي الاهلي كان جيدا.. وقد ساعد هذا على اللعب بمستوى جيد على مدى الشوطين.. وبتعاون كبير في تبادل المراكز.. وفي التحرك على الأطراف بصورة جيدة، ولاسيما من خلال «مصطفى بصاص» و «أوزفالدو» قبل تغييرهما بعد الكارت الأحمر الذي أخرج الحارس من المرمى.. وفرض تغيير اللاعبين وطريقة اللعب. 5 - والأهم من كل هذا.. أن فريق الهلال كان غير مهيأ من الناحية النفسية للعب مباراة بطولة.. كما أن لاعبيه بدوا مرهقين إلى أبعد الحدود.. فلم نر «ناصر الشمراني وسالم ونيفيز والعابد» في المقدمة في الوقت الذي بدا مدافعا الهلال (كواك) و(ديقاو) جزيرتين متباعدتين.. وظهر الشهراني في اليمين وحيدا على الخط الأيمن.. فيما عجز الظهير الأيسر (الشامخ) عن إغلاق المنطقة أمام الهجوم الأهلاوي واضطر لتعويض عامل نقص الخبرة لديه بارتكاب بعض المخالفات والتسبب في العديد من الفاولات المؤثرة. أما الوسط الهلالي (كريري/ الفرج) وإن بذلا جهدا كبيرا إلا أن كراتهما لم تصل إلى خط المقدمة التائه على طول الخط لعدم استقرار لاعبيه.. وضعف ترابطهم في هذه المباراة على غير العادة والسبب في كل ذلك غياب دور القائد.. في ظل «توهان» نيفيز ومحاولاته إثبات وجوده وحرصه على الوصول إلى المرمى بجهود فردية ولياقة غير مكتملة وتراجع واضح في المستوى العام. هذه العوامل وتلك أدت إلى تفوق نوعي للأهلي في الأداء العام.. حقق معه البطولة.. ونفذ بجلده من احتمالات هزيمة مؤكدة نتيجة طرد الحارس.. ونقص العدد.. وإن كان الأداء العام المتراجع للهلال قد حرمه من استغلال هذا النقص.. ولم يؤثر كثيرا في النتيجة النهائية للمباراة. والسؤال الآن هو: كيف أدار مدربا الفريقين مباراة فريقيهما؟ الإجابة باختصار شديد هي.. أن مدرب الأهلي (جروس) استطاع التعامل مع المباراة بواقعية شديدة.. ركز فيها على انضباط منطقة الوسط وعلى ثبات الحارس.. وكذلك على تفعيل الأطراف وتوزيع اللاعبين على أساس منطقي، حيث لعب ب «عقيل بلغيث» في مركز الظهير الأيمن بدلا من سعيد المولد المتوقف الآن عن اللعب.. وأدى أدواره بنجاح كبير.. بل أنه غطى أخطاء زميليه «أسامة ومعتز هوساوي» بإخراج الكرة من حلق المرمى مرتين.. وإن ظل دوره محصورا في منطقته، ولم يقم بأدوار هجومية (حسب تعليمات المدرب) الذي بدا أنه قد حذره وحذر الظهير الأيسر (محمد عبدالشافي) من التقدم إلا عند الضرورة القصوى.. واستعان بدلا عنهما في أداء المهمة الهجومية بمصطفى بصاص في الطرف الأيمن وأوزفالدو في الطرف الأيسر.. وكان من نتيجة هذا التحرك (هدف السومة) الأول الذي أتقن مصطفى إرسال الكرة إليه في المكان والزمان المناسبين. وأود هنا أن أذكر مدرب الأهلي.. أننا وفي أكثر من مناسبة تحدثنا عن ضرورة إعادة «بصاص» إلى منطقة الطرف الأيمن.. وعدم استهلاكه كمحور دفاعي متأخر وقتل نزعته الهجومية وميزته في رفع الكرات أو تمريرها بينيا إلى المهاجم الصريح.. وهو ما حصل هذه المرة.. وتحقق معه الفوز الذي بدأ بالهدف الأول الذي رفعه بإتقان.. وعلى المدرب أن يقتنع ألف مرة بأن بصاص مفيد في هذا المكان.. وأنه أفضل من غيره لأداء هذه المهمة.. وعليه أن لا يرجعه إلى منطقة أخرى أو أن يقتله بإسناد أدوار دفاعية بحتة إليه.. تقدم مصطفى هذا أفاد كثيرا في فرض تغيير جوهري على المدرب هو.. تقديم «تيسير الجاسم» كصانع ألعاب خلف المهاجمين.. وتحرك بصورة جيدة، وبلياقة ممتازة.. وبتركيز أفضل من مباراته السابقة؛ لأن المدرب أبعده في تلك المباريات عن المقدمة.. وأوكل إليه أدوارا دفاعية إلى جانب (وليد باخشوين). فعل المدرب هذا.. في مباراته أمام الهلال لأنه افتقد «سيزار» الذي تخلف عن المباراة.. وليته يقتنع بعد اليوم.. أنه وحتى بعد عودة سيزار فإن تيسير يملك مزايا لاعب الوسط المتقدم.. والمحور الذي يتكامل مع سيزار.. ويشكلان معا ثنائيا خطيرا لا يمكن إيقافه.. وعليه أن يبحث عن محور دفاعي آخر إلى جانب وليد باخشوين الذي يجيد اللعب في هذه المنطقة بكفاءة عالية لولا لجوئه إلى الفاولات في بعض الأحيان دون حاجة إليها. وفي هذه المباراة استعان المدرب «جروس» باللاعب المجتهد حسين المقهوي الذي حاول أن يملأ مركزه دون تقصير وأجاد في الضربات الثابتة كثيرا.. وكادت رفعاته أن تحقق أهدافا لولا سوء استغلال المهاجمين لها.. غير أنه يميل في ألعابه إلى النزعة الهجومية أكثر من الدفاعية وذلك ما يجعل منطقة الظهر المساندة (المحور الدفاعي) معرضة للاختلال ببقاء باخشوين بمفرده فيها. والحقيقة أنه لم يكن أمام المدرب -في هذه المباراة- خيار آخر غير هذا التوزيع الواقعي للأدوار.. واستثمار العناصر المتاحة أمامه بصورة جيدة وبالحد الأدنى من الأخطاء بالرغم من وجود لاعبين جيدين بالاحتياط (محمد أمان، أمير كردي، كامل الموسى، زكريا سامي، أحمد العوفي)، والأخير أظهر تميزا في المباريات الأخيرة التي لعبها.. إلا أنه ظل في الاحتياط لحاجة المباراة إلى الخبرة جنبا إلى جنب الحيوية التي يتمتع بها.. وفي اعتقادي أنه يحتاج إلى مزيد من الثقة والدفع به في المباريات القادمة وسوف يكون منه لاعبا متميزا في المدى القريب لأنه طاقة ذات حيوية عالية يحتاجها الأهلي لتغيير «رتمه» البطيء.. واحتفاظ لاعبيه بالكرة وتحضيراتهم البطيئة.. وهي العيب الأبرز في الأداء العام للفريق وهو العيب الذي يجب على المدرب وطاقمه الفني أن يخرجوا الفريق منه.. لأن الأداء الباهت يقتل الفريق ويعرضه للهزائم ويفقده لفرص الفوز وتحقيق نتائج أفضل. والسؤال الآن هو: كيف يواصل الأهلي انتصاراته وتفتح هذه البطولة شهيته ويقفز إلى التصدر والفوز بكأس البطولة الرئيسية متخطيا فريق النصر المتصدر حتى الآن ب (37) نقطة، بينما يملك الأهلي (32) نقطة، ولدى النصر (12) مباراة متبقية وكذلك أمام الأهلي (12) مباراة؟ الإجابة البسيطة هي: إن الحكم ما زال مبكرا على من يمكن أن يصل إلى المقدمة في نهاية المشوار.. لاسيما أن أمام الفرق الثلاثة الرئيسية (النصر/ الأهلي/ الهلال) 12 مباراة في الدور الثاني من أصل (13) مباراة. صحيح أن النصر يتصدر حتى الآن ب (37) نقطة. والأهلي ب(32) نقطة والهلال ب(28) نقطة.. إلا أن هذه الفروق البسيطة قابلة للتغيير وفقا لمستوى أداء فرق الصدارة بما فيها الشباب الذي يحتل المرتبة (4) ب (28) نقطة، والاتحاد الذي يليه ب(27) ويأتي في المرتبة الخامسة. ويمكن القول إن المستوى العام للفرق الخمسة قد أظهر ضعفا عاما لدى الجميع بما فيها النصر المتقدم.. بالرغم من نتائجه ونتائج الفريق الأهلاوي الأخيرة. إذ فاز النصر على نجران (4/صفر) والأهلي على هجر (3/صفر) وإن كان الهلال قد فاز في آخر مباراة على (الشعلة) ب (2/1) والاتحاد فاز كذلك على الفيصلي (3/0)، وإن كان الشباب قد تعادل في آخر مباراة له مع (الفتح) ب (2/2)، وهي نتائج تدل على أن الترتيب الحالي قد لا يستمر طويلا، وبالذات في ظل تحسن مستوى الاتحاد والأهلي وتراجع مستوى الهلال والنصر النسبي. لكن الحكم يظل مبكرا.. ومتوقفا على معالجة أوضاع الهلال الإدارية والفنية والنفسية.. واستقرار تشكيلة الاتحاد بعد استقطاب عناصر محترفة تبدو جيدة.. وثبات واستقرار تشكيلة الأهلي بعد فوزه ببطولة كأس سمو ولي العهد. وبمعنى آخر.. فإنني أتوقع في المدى القصير تقدم الأهلي والاتحاد إلى المرتبتين الأولى والثانية على حساب النصر والهلال.. إذا سارا بالمعدل الذي يسيران عليه الآن وارتفع أداؤهما وتحسنت أوضاعهما الداخلية إلى الوضع الأفضل. ذلك بالنسبة للدوري العام.. أما بالنسبة للبطولة الآسيوية.. فإنها الأخطر والأهم والتي سيترتب عليها مصير الأهلي بالنسبة لبطولة عبداللطيف جميل والحصول على كأس الملك.. فمن المعروف أن الأهلي سوف يقابل يوم الثلاثاء المقبل.. أي بعد يوم من الراحة يوم أمس بعد مباراتهم أمام الهلال.. وأداء تمرين واحد يوم غد الاثنين.. فريق القادسية الكويتي.. مباراة خروج المغلوب. والمباراة رغم حساسيتها.. إلا أن إقامتها في جدة.. وأمام جماهير الأهلي وعلى أرضه قد توفر عليه عناء السفر.. والبعد.. وتوفر له شحنة نفسية جيدة بدعم من جماهيره للتغلب على القادسية الذي يحقق تميزا عاليا في الدوري الكويتي في هذا الموسم. وإذا استطاع الأهلي الاستفادة من عاملي الأرض والجمهور.. ولم يتحولا إلى عنصري ضغط نفسي عليه. وإذا استطاع المدرب الأهلاوي أن يسترد اللاعب «سيزار» ويلعب به هذه المباراة ولعب بتشكيلة متوازنة.. وتمكن السومة من أداء المباراة بجاهزية كاملة لياقيا.. فإن الأهلي يستطيع أن يحقق خطوة متقدمة نحو الآسيوية توفر له شحنة نفسية هائلة.. تعينه على المحافظة على تقدمه في الدوري المحلي وغير بعيد عن الصدارة.. وربما تجاوز النصر في الترتيب. كل هذا ممكن الحدوث إذا تخلص (جروس) من مشكلة التغيير المستمر في التشكيلة.. ومن حالة عدم الاستقرار في تحديد الأدوار ولاسيما لمفاتيح اللعب الأهلاوية الرئيسية ولم يكثر من التغييرات. وما نراه ونقترحه في نهاية هذا التحليل هو أن التشكيلة المثالية للأهلي هي: ويكون في الاحتياط: 1 - ياسر المسيليم 2 - أوزفالدو 3 - أحمد العوفي 4 - كامل الموسى 5 - محمد أمان 6 - مهند عسيري وإذا لم يكن هناك إمكانية لاسترداد سيزار.. فإن استمرار أوزفالدو مطلوب في هذه الحالة لأن درجة تجانسه مع بقية اللاعبين أخذت تتحسن ويتوقع منه الكثير. وإذا لم يتمكن المدرب من إشراك «السومة» في مباراته الثلاثاء أمام القادسية فإن البديل الجاهز -في رأيي- هو أحمد العوفي، مع تغيير مستمر في المراكز بينه وبين مصطفى بصاص.. وتبادل سريع للمهام في الوسط وعلى الأطراف بين (المقهوي/ تيسير/ باخشوين). هذا القرار مطلوب اتخاذه اليوم قبل غد حتى يتم تمرين الاثنين على أساسه.. ويصبح الموقف أكثر وضوحا لتحديد مستقبل الفريق في كل من الآسيوية والدوري. ولعل الأهم من كل هذا هو أن يجد المدرب علاجا للفجوة الكبيرة التي تظهر بين متوسطي الدفاع (أسامة ومعتز) فهما يلعبان بطريقة واحدة وعلى خط واحد.. وينزلقان كثيرا إلى المقدمة ولا غطاء لهما من الخلف وذلك يحتم على (وليد باخشوين) سرعة التراجع إلى الخلف كلما تقدم أحدهما إلى الأمام.. وعودة الظهير الأيمن (عقيل بلغيث) إلى منتصف الدفاع كذلك عند الضرورة.. وإن كانت خانته ستواجه ضعفا دائما أمام لاعب الطرف الأيسر للفريق الآخر إذا ما وجد نفسه مضطرا لتغطية أخطاء (أسامة ومعتز). وأخيرا.. فإن مباراة الثلاثاء من الأهمية بمكان.. لأن الأهلي سيحدد من خلالها إلى أين هو متجه في الدوري المحلي.. وعلى مستوى الآسيوية في آن معا.. ولا أظن أن جماهيره تتوقع منه غير الفوز بعد اليوم.. وعلى التهيئة النفسية أن تلعب دورا مهما في هذين اليومين إلى جانب الفريق الأهلاوي الفرح بفوزه.