صبيحة تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وردت إلى جوالي رسالة يقول صاحبها: «عليكم أن تشكروا الله على هذا الاستقرار، وأن تحافظوا عليه، لقد مات ملك وتولى ملك وما شعر العالم بشيء! وعند غيركم قد تضطرب البلاد كلها لموت رئيس!». ثم أعقبتها رسالة أخرى من زميل آخر يقول فيها: «لقد بهرتم العالم بهذا الانتقال السريع للسلطة في ثوانٍ، دون سقوط أحد، فحافظوا على تجربتكم، وعرفوا بها الناس، وعضوا عليها بالنواجذ». هكذا قال: «عضوا عليها». لم تأتِ هذه الرسالة من مواطنين ينتمون لدولة من دول العالم الثالث! أو دولة عرفت بالاضطراب وعدم الاستقرار. لقد جاءت من زميلين أوروبيين، ينتميان إلى بلد يضرب المثل باستقراره السياسي، وسابقته الدستورية منذ سنت ما يعرف ب(العهد الأعظم) سنة 1512م، والذي يعتبر أقدم وثيقة دستورية قانونية على الإطلاق. لقد جاءت من زميلين بريطانيين زاملتهما أثناء الدراسة في بريطانيا أرسخ دول أوروبا في التقاليد السياسية، والاستقرار الحكومي، ترجمتهما بما يكاد يطابق لفظهما الإنجليزي. ما لا يعرفه هذان الزميلان العزيزان أن هذا الاستقرار، وهذه السلاسة في انتقال الحكم، ليست وليدة اليوم، بل هي السنة الماضية في بلادنا منذ وحدها الملك المؤسس رحمه الله، ينتقل الملك من سلف إلى خلف دون ضجيج ولا ضوضاء، في ظل تماسك متين للأسرة الحاكمة، وتلاحم مبين من الشعب المبايع. لقد عاصر بعض كبار السن منا أربعة ملوك، وعايش أربعة انتقالات للسلطة، فما شهدوا اضطرابا ولا قلقا، كانوا يمسون مودعين ويصبحون مبايعين والحياة ماضية في سبيلها، والوطن منطلق في مسيرته، والتراتبيات الإدارية تتخذ أوضاعها الجديدة بكل هدوء، والحمد لله رب العالمين. ولقد كان هذا الاستقرار سببا رئيسا من أسباب نهضات هذا الوطن، واختصاره السنوات في مسيرة الحضارة، فالاستقرار من أهم أسباب تطور الأمم. ولعل هذا الاستقرار والأمن أثر من آثار دعوة أبي الأنبياء عليه صلوات الله وسلامه: «وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر». ومن تمام نعمة الله على هذه البلاد أن هذه (السلاسة) قد أفضت بالحكم وإدارة شؤون البلاد إلى رجل استثنائي، استثنائي في خبرته التي اقتبسها من صحبة ستة ملوك، واستثنائي في ثقافته، واستثنائي في حزمه، واستثنائي في قربه من الناس. إنه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز حفظه الله وأيده. نسأل الله سبحانه أن يغفر للملك عبدالله بن عبدالعزيز وأن يرفع درجته، وأن يعين الملك سلمان بن عبدالعزيز ويسدد خطوته. والحمد لله على نعمه أولا وآخرا. (*) مدير جامعة أم القرى