الحمد لله أن أنعم علينا بنعمة الإسلام وجعلنا من أبناء بلد السلام. نعمة عرفها العقلاء وتعرف عليها من عاش خارج حدود بلادنا, ويفتقدها من كتب له العيش في بلاد لم تهنأ بالاستقرار والأمان. فالحمد لله عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته. لقد قرن الله في كتابه بين الجوع والخوف كمهددين للإنسان, وكيف أن نعمة الأمن قرنت مع الإطعام من الجوع, ولا تكون إلا في وطن, فلن تكون في غابة أو مع غياب مكونات الدولة, فالجميع يسمع ويشاهد المشاهد المأساوية في الدول العربية والقريبة منا كيف تحولت من حال إلى حال, من استقرار إلى قلاقل وفتن, من طمأنينة إلى خوف وجوع, من دولة ونظام شرعي إلى غابة وعصابات, يقتل بعضهم بعضاً. أما نحن في بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية, فالحمد لله على نعمائه, لا يصدق عاقل ما نحن فيه من خير, وإن هناك من يخالفني فليته يسأل من ذهب إلى دول العالم المتقدمة دون المتأخرة, ليعرف ما معنى الحياة المطمئنة في السعودية. عشرات الآلاف من أبناء وبنات البلد بعثتهم الدولة على نفقتها ومع ذلك عجزوا على التأقلم والتعايش مع الحياة الغربية أو الشرقية إلا بعد أشهر وسنوات وعلى مضض, خلاف من عاد ليكمل تعليمه هنا ومعه قصص وتجارب يحكيها عن ما صادفه من مشكلات وعقبات, ومعه دعوات لقادة البلاد وشعبها بالبركة والسداد. وإن من أتم النعم علينا ما أبدل حزننا على والدنا - رحمه الله - الملك عبدالله بفرح انتقال المُلك لخادم الحرمين الملك سلمان وولاية العهد للأمير مقرن بسلاسة وتوفيق, ليلجموا كل ناعق ونابح من الداخل أو الخارج, وليثبتوا أن الديمقراطيات والجمهوريات التي ينادي بها من لهم مصالح فردية أو مذهبية, لم تحقق ما حققناه منذ قرن من الزمن بمملكتنا المباركة. فالبيعة محل التعزية, والفرح يمحو الحزن, والوفود تترى في قصر الحكم لتبايع وتشد على يد الأسرة الحاكمة, والألسن تلهج لولاة الأمر وللوطن بالتوفيق والصلاح. الحمد لله أن بارك لهذه الأسرة في رأييها وسدد في اجتماعها, فالسلطة تتنقل من قائد إلى قائد والبيعة تمت بحمد الله وفضله, وإن من تمام النعم التي أكرمنا الله بها يوم أمس أن عين الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولياً لولي العهد, مما اعتبره الساسة والعقلاء صمام أمان وركن استقرار في انتقال السلطة من الأبناء الأبرار إلى الأحفاد الأفذاذ. فكم كانت ردود الرأي العام مندهشة من حنكة وحكمة قادتنا, ومن توافق أعضاء الأسرة المباركة حول هذا الأمير, والذي نذر نفسه ليواصل مسيرة نايف رحمة الله, فخير من وليتم القوي الأمين، فالحمد لله. من شاهد مدن ومحافظات البلاد يوم الجمعة الماضي يشهد الحزن مخيماً على فقد الوالد, ويزامنه فرح البيعة واللحمة. الشوارع لم يعكر صفوها معكر أو يثيرها ثائر, بل الأمن مستتب والشكر والدعاء لله صاعد والرحمة منه والطمأنينة نازلة، فهذه نعمة نحمد الله عليها. د. عبدالسلام شايع النهاري - مستشار إداري وأمني