لو كان لدى الإنسان القدرة على رؤية الدنيا بمنظور أشعة إكس لرأى أن غالب ما ينفعل لأجله ويستنفد الكم الأكبر من طاقته النفسية والعقلية والمادية لا يظهر بالصورة، فمنظور أشعة إكس أو المنظور الجوهري يجعل الإنسان يرى الأمور بحجمها وماهيتها الحقيقية، بينما من يحول الحبة إلى قبة هو المفتقر لهذا المنظور الجوهري ولذا باستمرار يحول الأمور الهامشية إلى دراما متصاعدة الحدة والشدة لا تكاد تنتهي، ولهذا دائما عند النظر في أي أمر يجب تجريده من كل الدراما ورغوة زبد كل ما لا يمثل الحقيقة الأصلية الجوهرية المجردة الموضوعية، وعندها لن يوجد موقف سيستفز الإنسان لدرجة تخرجه عن السلوك الراقي النبيل السلمي، ولن تتأزم قضية لدرجة يستحيل حلها إلا باللجوء للشرطة والمحاكم، بينما الإنسان الذي لا ينظر للحياة والواقع بمنظور جوهري يضيع في دراما الانفعالات وردات الافعال اللاواعية ورغوة زيف وغش العالم الداخلي والخارجي للإنسان حتى لدرجة مخادعة الإنسان لنفسه وضميره أي أن يكذب الكذبة ويصدقها، ولهذا هناك عديد من الناس ليس فيهم ولا ذرة واحدة من الحقيقة الجوهرية، فهم امتلؤوا بالكامل بدراما ورغوة الانفعالات وردات الافعال اللاواعية السطحية التي لا معنى ولا حقيقة جوهرية فيها، وهناك من فيه ذرة واحدة فقط من الحقيقة الجوهرية تكون موقف صدق عفوي عاشه للحظة لا أكثر، وهناك من كله حقيقة جوهرية وليس فيه ذرة واحدة من رغوة ودراما الزيف الدنيوي، وهذا هو الإنسان الذي كرس بنية ومضمون عقليته ونفسيته وأخلاقه وسلوكه وكل ذاته بوعي نقدي ممحص غير مقولب بقوالب التقليد والاعتياد والاتباع الأعمى وهو الذي يأخذ بجوهر «لب» الأمور وأهل هذا النمط هم فئة «أولي الألباب» التي اختصها الله بالقرآن بكونها تدرك حقائق الأمور.