الإيمان بقضاء الله وقدره حين المصائب يمثل حجر الزاوية في مسار المجتمع المسلم الراضي بحكم الله وإرادته، وهكذا كان الشعب السعودي الكريم المحب لقيادته والمنتمي لأرض هذا الوطن المبارك حيث فجعنا جميعا بنبأ وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز (رحمه الله)، حيث ترجل الفارس عن جواده، وأغمض عينيه، وأسلم روحه لبارئه، ورحل ملك لم يكن ملكا فقط، وإنما والدا، قائدا، مؤثرا وحاكما، وغادر هذه الحياة التي أحب فيها شعبه وبادله الأخير بالمثل، وانتقل عبدالله بن عبدالعزيز من مرحلة رفقه بالعباد إلى رحمة رب العباد. هكذا سيظل فجر الجمعة الذي تلقينا فيه نبأ رحيل الملك الصالح، سيظل راسخا في أذهانهم طويلا، تماما كما ترسخت في مخيلاتهم دموعه التي انهمرت مع كل مصاب أو ألم أحاط بالوطن وهو الذي ترك في سنوات حكمه مساحة حب واسعة على خارطة قلوب المواطنين لهذا الملك الصالح فالعلاقة بين الشعب والملك علاقة انتماء لا مثيل له تجسد أعمق معاني الإنسانية والحب المتبادل مع المواطنين وصور تلاحم تلقائية في معناه الواسع العميق. ولعل المتأمل في شخصية الملك عبدالله (رحمه الله) يقرأ سمات القائد المؤثر فهو يملك الكاريزما المانحة للجاذبية الكبيرة والحضور المؤثر مع ما يتمتع به من القدرة على التأثير على الآخرين إيجابيا بالارتباط بهم جسديا وعاطفيا وثقافيا، سلطة فوق العادة، وهي بالفعل سحر شخصي وشخصية تثير الولاء والحماس وهو ما خلق الرابطة الثنائية الاستثنائية بين قطبي المعادلة السياسية «النظام والشعب». وحين نتحدث عن قائد كالملك عبدالله (رحمه الله) فإن مسارات الحديث تتشعب فهو قائد تاريخي مختلف في حين نوجه الرؤية صوب العالم العربي والإسلامي نجد أن الملك عبدالله قائد عربي غيور مهتم بالعالم العربي وأحواله، دائما يسعى لتوحيد الصف العربي وحل نزاعاته لقطع الطريق على كل من يحاول استغلال تلك الخلافات أو يعمل في الظلام، يهدف دائما إلى تحقيق السلام العربي وتجاوز التناقضات والخلافات العربية وتكوين أسرة عربية واحدة، دائما يشارك إخوانه العرب أحزانهم ويخفف من آلامهم، أحبه العالم العربي وتأملوا فيه إيجاد الحلول لأزماتهم واقتدوا بآرائه ومبادراته العربية، وصفوه بصقر العروبة، وصقر الجزيرة، وملك العروبة، كما أنه على مستوى العالم الإسلامي قائد عظيم ورمز من رموز الأمة الإسلامية، دائما يرعى مصلحة الإسلام والمسلمين، ويبذل الغالي والنفيس لرفع راية التوحيد ونصرة الإسلام، غيور على دينه وعقيدته الإسلامية، كرس جهوده لخدمة الحرمين الشريفين وخدمة ضيوف الرحمن فسموه القائد المسلم، وقائد الأمة. سيظل الملك عبدالله بن عبدالعزيز (رحمه الله) حاضرا في قلوب رجال الوطن ونسائه، صغاره وكباره، مسؤوليه ومواطنيه وهي محبة نابعة من سويداء القلوب لملك يتسم بالزعامة والريادة والتفرد والحضور اللافت والرؤية الحكيمة، لذا فالكل في بلادنا حزن لفراقه لما كان يمثله من قيم الصدق والحكمة والأبوة والشفافية. وهنا يمكن القول إن الملك عبدالله بن عبدالعزيز (رحمه الله) من القادة القلائل الذي عملوا على تدوين صفحات من التاريخ بأفعالهم ومواقفهم البيضاء، بما امتلكه من القيادة الواعية والرؤية الحكيمة والقرار الصائب والانحياز للشعب في مجمل قراراته وأحاديثه إلى جانب ما تحلى به من الصدق والشفافية، والقول دائما يتبعه العمل، كان يحب الخير لمن حوله ويعيش همومهم وأوضاعهم، يفتح آفاقا وعلاقات مع الغير، ويدعو للسلام والتسامح، إنه شخصية قيادية تستحق التوقف عندها طويلا، فالملك الراحل اختزل في شخصية معاني إنسانية كريمة وطيبة، ذو نظرة فاحصة وعميقة. ومما أثلج صدورنا كمواطنين ما حدث أمس من انتقال سلس وسليم وهادئ للسلطة حيث تولى سيدي الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم يقف على يمناه صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز وليا للعهد وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف وليا لولي العهد في قرارات تعزز من الاستقرار الوطني وتحفظ الأمة من التكهنات التي تستهدف وحدة الوطن وهنا نجدد لهم البيعة ونؤكد لهم الولاء والطاعة.. فحفظ الله للوطن قيادته وأمنه وأدام علينا نعمة الأمن والاستقرار. * رجل أعمال وشاعر