الاقتصاد الاستهلاكي يعتبر أن صرف الفرد للمال بالاستهلاك الزائد هو وقود عجلة الاقتصاد، ولذا يشجع الاقتراض لأجل مصاريف استهلاكية ويبني مراكز التسوق والترفيه بدل المصانع، فالازدهار الاقتصادي وفق النظرية الاستهلاكية يعتمد على مدى السيولة المتداولة، ولهذا يعتبر أن الادخار عدو الاقتصاد، لكن أصحاب مدرسة «الاقتصاد الادخاري» المعارضين لهذه المدرسة يقولون إنه عندما يصرف الناس مدخراتهم ويستدينون للصرف الاستهلاكي غير المنتج سيحصل تضخم ولن تبقى مدخرات كافية للاستثمار بالمشاريع المنتجة للسلع. والاقتصاد الأمريكي الذي أخذ بمدرسة الاقتصاد الاستهلاكي وصار هو نموذج الاقتصاد المعولم أظهر خطر هذا النموذج، فأمريكا ليس لديها ما يكفي من المدخرات لإدارة عجلة اقتصادها، ولهذا هي تقترض من الدول النامية كالصين، وبما أن سيولتها تضيع في عجلة الاستهلاك بدل توظيفها بالاستثمار باتت أمريكا تستورد أيضا السلع من الصين بدل أن تصدرها، والصين حتى لا تأخذ ثمن تلك الصادرات مالا إنما سندات ديون على أمريكا، فلكي يمكن لأحد أن يطبق اقتصاد الاستهلاك القائم على القروض والديون يجب أن يكون هناك من يأخذ باقتصاد الادخار لكي يمكن اقتراض مدخراته، وعولمة الاقتصاد جعل هذا ممكنا بين الدول كما في داخلها، لكن إلى متى يمكن متابعة التمتع بفقاعة رفاه الديون؟ فسيأتي يوم ستضطر فيه أمريكا ومن أخذ باقتصاد الاستهلاك أفرادا ودولا لإعلان الإفلاس، خصوصا أنه في وضع أمريكا الدولار ليس مدعوما بغطاء من الذهب. بينما اقتصاد الادخار يرى أن وقود عجلة الاقتصاد هو ادخار الأفراد لدخلهم وعدم صرفه بالاستهلاك الزائد؛ لكي يمكن توظيفه بمشاريع استثمارية حقيقية توظف المواطنين وتولد صادرات وليست من قبيل توظيفها في الألعاب المالية لأسواق المال لأجل تحقيق أرباح سريعة؛ لكنها عقيمة إنتاجيا ويعقبها انهيار حتمي بالأسواق يبدد المدخرات.