أكد عضو هيئة كبار العلماء وإمام وخطيب المسجد الحرام والمستشار في الديوان الملكي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد أن تقنين الشريعة في مواد لا يلغي مساحة الاجتهاد ولا يساهم في تضييقها، مبينا أن التوجيه الملكي الصادر في هذا الشأن ترك للقاضي حرية الاجتهاد متى ما رأى عدم تغطية المادة للقضية المنظورة بشرط التسبيب والتعليل، لافتا إلى أن المدونة في طريقها للصدور ومازالت في أروقة الجهات المختصة في المقام السامي لكن دون تحديد وقت. وقال في محاضرة ألقاها أمس بجامعة الملك عبدالعزيز تحت عنوان (تقنين الشريعة الإسلامية بين المأمول والمحظور): إن أعضاء من هيئة كبار العلماء في وقت سابق لم يروا بجواز هذا التقنين منهم الشيخ محمد الأمين الشنقيطي والشيخ عبدالله البسام والشيخ بكر أبو زيد ولهم استدلالاتهم وفق أسباب بينوا من خلالها عدم إجازتهم له ومنها عدم وجودها في عهد السلف، مشيرا إلى أن عدم وجودها في ذلك الوقت لايعني منعها. وبين ابن حميد أن قول الأئمة يحتج له وليس حجة يحتج به وأن هذا محصور في قول الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم مع احترامنا الشديد لمكانة العلماء. وأوضح أن فكرة التقنين كانت منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز رحمه الله، وكان في فكره رحمه الله إلزام القضاة به فقد فكر رحمه الله في وضع مجلة للأحكام الشرعية يضعها مجموعة من علماء المسلمين ويتم فيها الأخذ من جميع المذاهب لكنها لم تر النور لأسباب معينة. وقال: صدرت توجيهات الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه في عام 1347 ه بأن يكون مجرى القضاء في محاكم المملكة منطبقا على المفتى به من مذهب الإمام أحمد رحمه الله نظرا لسهولة مراجعة كتبه، أما إن وجد هناك مشقة فينظر في باقي المذاهب لما تقتضيه المصلحة، كما يكون اعتماد المحاكم في سيرها على مذهب الإمام أحمد في كتابي شرح المنتهى وشرح الإقناع، وهذا يعد تقنينا إذ تم الإلزام بمرجع معين. وأكد أن القاضي يلزم بالمدونة أو بما يقنن أو بما يصدر به التوجيه الكريم لكن له الحق في مخالفة المواد متى مارأى ذلك بشرط أن يسبب فإذا رأى قاضي الاستئناف سببه مقنعا فإنه يجيز حكمه، وقال: إن المقام السامي وجه هيئة كبار العلماء وقد قدمت رؤيتها في طريقة المدونة ومنهجيتها. وفي رد على سؤال حول مخالفة البعض لمسألة التقنين، قال ابن حميد: أن يوجد وجهات نظر أخرى سواء من القضاة أو غيرهم ينبغي أن تتسع له الصدور وهو شيء إيجابي لكن العادة عندما تصدر إرادة إلزامية بحيث يصدر توجيه معين بذلك فسوف يلتزم الجميع، وحينئذ لن يخالفه أحد وهو أمر طبيعي، لكن أن يكون للإنسان حق أن يقتنع بالتقنين أو غيره فهذا ما أرجو أن تتسع صدورنا له، ويجب علينا تقبل الرأي والرأي الآخر بمعنى أن نعطيه حق إبداء رأيه دون مصادرة، وينبغي استيعاب الخلاف. ونفى إمام وخطيب المسجد الحرام أن يتعارض التقنين مع النص الشرعي، لأن القاضي يحكم برأيه وهذا حقه، كما أنه يستدل بالنص، فمحور الحديث حول استدلال القاضي لا في النص ذاته، أي في مدى دقة استدلال القاضي. من جانبه أوضح صاحب السمو الأمير بندر بن سلمان بن محمد مستشار خادم الحرمين الشريفين رئيس فريق التحكيم السعودي أن هناك جهودا كبيرة تبذل لتطبيق الشريعة في التحكيم فيما يتعلق بالقضايا الدولية.