الرغبة في فعل الشيء الصحيح هي من النزعات الفطرية الطيبة التي كثيرا ما يتم استغلالها لدى من لا وعي لديهم بأنماط الاستغلال الديماغوجي «الغوغائي» لهذه النزعة النبيلة، فالجماعات الإرهابية تستدرج الشباب الغر للانضمام إليها عبر خلق متلازمة شرطية غير صحيحة، وهي أن تطبيق الشريعة الذي ترفع لواءه لن يتحقق إلا عبر إخضاع العالم لسلطان إرهابها الاستباقي؛ لأن العالم معادٍ للإسلام وسيقصف أي دولة تطبق الشريعة ودعم الجماعة التي تعلن تطبيق الشريعة هو «الشيء الصحيح»، وتحت هذا التبرير باتت الفظاعة الفاحشة وإحداث الصدمة غاية بحد ذاتها لخلق أكبر قدر من الرهبة بزعم ردع العالم بتلك الرهبة عن قصفها، لكن الواقع يكذب زعمها، فخلال السنتين الماضيتين أعلنت ماليزيا وبروناي وإقليم آتشيه الذي يتمتع بحكم ذاتي بإندونيسيا تطبيق الشريعة الإسلامية بما في ذلك الحدود، ولم تقم أي دولة بقصفها ولا خلع حكوماتها، فالعالم لا يقصف معسكرات الجماعات الإرهابية كداعش لأنها تريد تطبيق الشريعة، إنما لأنها تعلن صراحة أن مخططها هو قيادة إعصار من العمليات الإرهابية ضد كل دول العالم؛ لتحقيق وهم خرافي بفرض سيطرتها على العالم الغربي الذي يملك أحدث الأسلحة كما صرح زعيم داعش وهم يعلنون صراحة أن غايتهم استدراج الغرب لغزو الدول الإسلامية لاستنزافه، وبالتصريح بأن هذه هي غايتهم هم استعدوا العالم على أنفسهم وعلى بلاد المسلمين، ولا يبالون، فهم يضربون الضربة ويهربون تاركين المسلمين يتلقون ردة الفعل الانتقامية، ولا يحملون أنفسهم أي مسؤولية عن الدمار الذي يجرونه على بلاد المسلمين؛ لأن لديهم نمط إيمان بالحتمية القدرية المعزولة عن الأسباب الموضوعية، ومن الطبيعي أن الدول التي يتم تهديدها بقتل مواطنيها لن تقف مكتوفة اليدين دون إزالة مصدر التهديد لتجنيب مواطنيها تلك الأخطار. [email protected]