لماذا هاجمت وأسقطت القوى الدولية نظام طالبان في أفغانستان وائتلاف المحاكم الشرعية في الصومال والآن الإسلاميين الذين أعلنوا دولة إسلامية في مالي بالإضافة للأعمال العسكرية ضد المناطق التي أعلنت جماعات إسلامية سيطرتها عليها في باكستان واليمن في الوقت الذي دعمت فيها ثورات الربيع العربي حتى عسكريا والتي كان من المتوقع أنها ستأتي بإسلاميين للسلطة؟ الجواب يكمن في أدبيات الجماعات الإسلامية التي تدخلت ضدها القوى الدولية والتي تصنف نفسها «بالسلفية الجهادية» والتي تعلن هي أو حلفاؤها صراحة أن غايتهم الأساسية بعد الاستيلاء بالقوة على سلطة البلد هو اتخاذها كقاعدة انطلاق لأعمال حربية وإرهابية دائمة على كل العالم ليس فقط غير المسلم إنما أيضا المسلم الذي يرفض أن «يبايعها» كما حصل في العراق حينما أعلنت القاعدة إقامتها لدولة إسلامية وبدأت تغتال القيادات الإسلامية العراقية السنية المقاومة للاحتلال التي رفضت مبايعتها كما أشعلت الحرب الطائفية باستهدافها لأهل المذاهب والأديان الأخرى، وللأسف ليس لديهم شعور بالمسؤولية تجاه شعوبهم التي غالبها يعاني من المجاعة فوق تخلفها الحضاري، فقد أعلن المتهمون بأحداث 11 سبتمبر أن غايتهم تحققت في «استدراج أمريكا إلى أفغانستان» لأنه تهيأ لهم أنهم سيؤدون لاستنزافها وانهيارها كما حصل للاتحاد السوفيتي، ولم يبالوا بتبعات ذلك على الشعب الأفغاني المسكين، والدرس هو أنه على الإسلاميين الوصول للسلطة عبر آليات الشرعية الشعبية بالانتخاب وليس بعنف جماعة معزولة عن الشعب وطرح رؤيتهم التوافقية مع العالم المعاصر المرتبط مع بعضه بشكل عضوي، وعندها لا يبقى للقوى الدولية حجة تبرر التدخل ضدهم عسكريا، فالقوى الدولية رغم إرادتها عدم وصول الإسلاميين في دول الربيع العربي للسلطة لم يمكنها إبطال خيار الشعوب التي انتخبتهم. [email protected]