دورة تلو أخرى وأصحاب الضيافة الأولى لبطولات الخليج يمنون النفس في حل عقدة اللقب الخليجي، التي طالما أثارت التساؤلات حول عجز المنتخب البحريني العريق في تحقيق أي من الكؤوس رغم اقترابه أكثر من مرة من الظفر باللقب، كان آخرها في النسخة السابقة التي استضافوها على أمل تحقيق الانتصار لكنهم فشلوا. وخلال 35 عاما لم يتذوق أبناء الأحمر طعم التتويج وأخفقوا كثيرا في تحقيق اللقب منذ عام 1970، حين استضافوا البطولة الأولى. الأمر الذي كان مزعجا لعشاق منتخب «دانة الخليج» الذي قدم مستويات مبهرة في بداياته، لكنه عجز عن الظفر بأي لقب، بل امتد نحسه في تصفيات كأس العالم والبطولة الآسيوية، حين تعثر أكثر من مرة في الرمق الأخير، وكأنما أصابتهم عين الحسد واختارهم النحس رفيقا لصيقا لهم. اكتفوا البحارة باحتلال الوصافة في أربع دورات، ولم تستغل البطولات الأربع التي استضافتها على أرضها في أعوام 1970 و1986 و1998 و2013 لتعانق لقبها الأول، لتبقى الدولة الوحيدة من بين الدول الخليجية التي لم تحقق اللقب حتى الآن، إلى جانب اليمن الضيف الجديد على المسابقة. أزمة تغيير تمر الكرة البحرينية بتغييرات كبيرة في هذه البطولة مع غياب أبرز النجوم الذين برزوا وتألقوا مع المنتخب البحريني في عصره الذهبي قبل عشرة أعوام، عندما حقق المنتخب المركز الرابع في بطولة آسيا عام 2004، وبلغ منافسات الملحق الفاصل لبلوغ مونديال العالم مرتين متتاليتين في عام 2005 أمام ترينيداد وتوباغو وفي عام 2009 أمام نيوزيلندا. وتشهد منافسات «خليجي 22» بالتالي تغييرات كبيرة على تشكيلة المنتخب الذي بدأ بالاعتماد على الوجوه الشابة منذ النسخة الأخيرة التي أقيمت في البحرين عام 2013. وعلى الصعيد الإداري والفني، تمر الكرة البحرينية بفترة تغيير أيضا، فرئاسة الاتحاد آلت إلى الشيخ علي بن خليفة آل خليفة الذي خلف الشيخ سلمان بن إبراهيم آل خليفة بعد أن أصبح رئيسا للاتحاد الآسيوي لكرة القدم، وعلى صعيد الجهاز الفني، فبعد الأرجنتيني غابرييل كالديرون الذي قاد «الأحمر» في «خليجي 21»، تسلم دفة الفريق المدرب الإنجليزي أنطوني هيدسون، ولكن الأخير ترك منصبه وانتقل لتدريب منتخب نيوزيلندا، ليتعاقد الاتحاد البحريني مع المدرب العراقي المعروف عدنان حمد لقيادة المنتخب في النسخة الجديدة من البطولة الخليجية. عدنان طوق النجاة سيكون المدرب «حمد» خامس مدرب عربي يقود منتخب البحرين في منافسات كأس الخليج، بعد المصري حمادة الشرقاوي الذي دربه في البطولات الثلاث الأولى 1970 و1972 و1974، والمدرب التونسي عبدالمجيد شتالي الذي قاده في «خليجي 9» بالرياض عام 1988، وفي «خليجي 13» بمسقط عام 1996 استلم دفة الفريق المدرب البحريني فؤاد بوشقر، بينما قاد البحريني الآخر سلمان شريدة الفريق في «خليجي 20» باليمن عام 2010. وعمل المدرب العراقي عدنان حمد فور استلامه دفة تدريب الفريق على إجراء بعض التعديلات الطفيفة على التشكيلة، فيما اضطر لاستبعاد أحد أبرز النجوم وهو اللاعب فوزي عايش لاعب السيلية القطري لأسباب إدارية. وأبرز اللاعبين الذين سيعول عليهم عدنان حمد في هذه النسخة قائد الفريق محمد حسين لاعب النصر السعودي، ومعه حسين بابا والحارس سيد محمد جعفر ومحمود عبدالرحمن وإسماعيل عبداللطيف، فيما سيكون أغلب اللاعبين من الوجوه الشابة ويبرز منهم سيد ضياء سعيد وسامي الحسيني وسيد أحمد جعفر وعبدالوهاب المالود ووليد الحيام ومحمد الطيب وراشد الحوطي وعيسى غالب. ويدرك حمد حجم المسؤولية الملقاة على عاتقه لتحقيق طموحات الشارع الرياضي البحريني الذي يراوده حلم تحقيق اللقب الخليجي للمرة الأولى. وقال حمد: «أدرك حجم المسؤولية، والجميع هنا في البحرين يأمل في تحقيق اللقب الخليجي». وتابع «الكرة البحرينية تملك العديد من العوامل المساهمة في تحقيق الإنجازات، البحرين لديها المواهب الكروية كبقية دول الخليج، وهذا شجعني لقبول المهمة، ونأمل في تحقيق الظهور المشرف في المشاركات الخارجية». يفسر المحلل الفني بندر الأحمدي الأمر بالقول: عُرف عن المنتخب البحريني أنه صاحب صبغة دفاعية بحتة سواء في تكتيكه وأسلوبه داخل أرض الميدان أو في «ستايله الدفاعي» مع اعتماده على لعب الكرات الثابتة أو بناء الهجمات المرتدة بغية تسجيل الأهداف. وأضاف الأحمدي «المنتخب البحريني يفتقد لشخصية الفريق البطل القادر على فرض أسلوبه على الفريق المنافس وينهج «التكتيك المضاد» وهذا الأسلوب لم يتغير منذ سنين طويلة وبالتالي لاتجده خلال المباريات يملك زمام المبادرة الهجومية وفرض طريقته الفنية على أرض الميدان، ولهذه الأسباب استمر المنتخب البحريني طوال السنوات الماضية غائباً عن تحقيق البطولة بالرغم من تقديمه مستويات قوية في النسخ السابقة، ومتى ما تخلى المنتخب البحريني عن أسلوبه القديم وتجرأ في مباغتة الفرق المنافسة بالأداء الهجومي إلى جانب تمسكه بالتنظيم الدفاعي القوي الذي تميز به سيكون باستطاعته تسجيل اسمه ضمن قائمة المنتخبات الفائزة بكأس الخليج مستقبلا». غياب الاستقرار من جانبه كشف المدرب الوطني مشبب زياد عن سر هذا الغياب والذي حمله في المقام الأول لغياب الاستراتيجية بعيدة المدى من المسؤولين عن رياضة كرة القدم في البحرين، وقال «السبب يعود لغياب التخطيط بعيد المدى من خلال بناء وتأسيس فريق من مرحلة الصفر بداية بمرحلة البراعم كما فعل المنتخب الإماراتي مع الجيل الحالي والذي تدرج مع الجهاز الفني في جميع الفئات السنية إلى أن وصل للمنتخب الأول واستطاع أن يحقق كأس الخليج في نسختها السابقة بجدارة واستحقاق، بالإضافة إلى عدم الاستقرار على جهاز فني ومدرسة تدريبية تتوافق مع طريقة لعب المنتخب فاختلاف السياسة التدريبية يلعب دورا كبيرا في هذا الغياب». وأضاف زياد «المنتخب البحريني لايملك سجلا حافلا بالإنجازات سواء على مستوى القارة أو الخليج وهذا الأمر أفقده شخصية الفريق البطل والتي تأتي من خلال تحقيق البطولات والصعود لمنصات التتويج، كما أنه يعاني من ندرة المواهب والتي تعتبر ذات أهمية كبرى ومقارنة بالمنتخبات الأخرى تعتبر الحلقة الأضعف من بينها وربما ضيق المساحة يعد عاملاً رئيسياً في هذا الجانب».