بعد فشل المساعي الأمريكية طوال الفترة الماضية في تحريك عملية السلام المجمدة في الشرق الأوسط على خلفية المماطلات والتسويف والصلف الإسرائيلي، ودور الوسيط «غير النزيه» الغائب الذي تمارسه واشنطن، يبدو أن الإدارة الأمريكية أدركت في ضوء تهديدات السلطة الفلسطينية باللجوء إلى مجلس الأمن، وبدء سلسلة الاعتراف بفلسطين، أن عليها أن تغير «استراتيجية الوساطة» التي لم تثمر شيئا حتى الآن سوى مزيد من الاستيطان والتهويد والعدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين. وفيما ينتظر الرأي العام الفلسطيني والعربي نتائج لقاء اليوم بين وزير الخارجية جون كيري وكبير المفاوضين صائب عريقات في واشنطن لتحريك عملية السلام المتعثرة، فإن التسريبات تحدثت عن مبادرة أمريكية ستطرح بداية العام المقبل، وسيتم عرضها على مجلس الأمن، تتضمن وقف الاستيطان، وتجميد اللجوء الفلسطيني إلى مجلس الأمن، واستئناف التفاوض لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وفق جدول زمني محدد. إلا أنه، ورغم الأجواء المتفائلة التي تحاول واشنطن إشاعتها، فإن أية مشروعات أو مبادرات لا توقف أولا عمليات النهب والسلب الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، والقتل العشوائي وتضيق الخناق والحصار، ولا تحقق تطلعات الشعب الفلسطيني المشروعة وإنشاء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف، وانسحاب جميع القوات الإسرائيلية من الأراضي الفلسطينية المحتلة، فإن مآلها الفشل كسابقاتها من المبادرات التي طرحت ولم تنفذ وبقيت حبرا على ورق، فالوضع في الأراضي المحتلة لم يعد يتحمل المزايدات وتضييع الوقت، خصوصا أن إسرائيل مستمرة في عنجهيتها وصلفها، فتارة تغلق المسجد الأقصى أمام المصلين المسلمين، وتارة أخرى تدمر البنية التحتية الفلسطينية. وليس أمام الإدارة الأمريكية إلا الجدية وإنهاء الاحتلال ولعب دور الوسيط المحايد، أو أن الموضوع مرشح لانفجار ستكون نتائجه كارثية على المنطقة، وعلى إسرائيل تحديدا.