بلجوء السلطة الفلسطينية إلى الأممالمتحدة لإدانة الاستيطان الإسرائيلي الذي لا يحتاج أصلاً إلى إدانة؛ كونه مدانًا فعليًّا لتعارضه مع القرارات والمعاهدات الدولية المعنية، وأيضًا مع مرجعيات عملية السلام، بهذا اللجوء فإن السلطة الفلسطينية تكون قد استنفدت كافة السبل السلمية، والوسائل السياسية والدبلوماسية في مساعيها للتوصل إلى حل الدولتين، الذي تنادي به الإدارة الأمريكية -السابقة والحالية- على مدى السنوات السبع الماضية، دون أن تتّخذ أي خطوة عملية واحدة على طريق تحقيق هذا الحل على أرض الواقع، حتى على صعيد بذل أي قدر من الضغوط على إسرائيل لوقف نشاطها الاستيطاني المحموم على الأراضي الفلسطينية المحتلة، الذي تضاعف عدّة مرات منذ الإعلان من جانب واشنطن ولندن عن تأييدهما لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة، وأيضًا منذ تشكيل اللجنة الرباعية التي لم تبذل أي جهد ملموس حتى الآن على صعيد تحقيق هذا الوعد، بعد أن داعبت الآمال الشعب الفلسطيني بإمكانية التحرر والاستقلال. ما يدعو إلى الاستغراب أن لا تكتفي واشنطن باستخدام حق النقض على قرار إدانة الاستيطان الذي وافقت عليه بقية الدول الأعضاء في مجلس الأمن، وإنما توجه أمس الأول عن طريق افتتاحية صحيفة الواشنطن بوست المقربة من الإدارة الأمريكية انتقاداتها لرئيس السلطة الفلسطينية، متّهمة إيّاه بتفضيل محاباة الشارع الفلسطيني، والمزاج الشعبي على السلام، فيما أنها تدرك أن الشعب الفلسطيني سئم المفاوضات، والوعود الكاذبة، وملّ من السياسات الأمريكية التي تحاول إضفاء الشرعية على الممارسات والانتهاكات الإسرائيلية، ليس فقط لأسس عملية السلام، وإنما أيضًا لكل ما يمتُّ بِصِلِةٍ إلى حقوق الشعب الفلسطيني. قرار السلطة الفلسطينية التوجّه إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة لاستصدار قرار ضد الاستيطان، والتوجّه مجددًا إلى مجلس الأمن للغرض ذاته، رغم الحملة التي تشنها إسرائيل، واللوبي الإسرائيلي في الولاياتالمتحدة ضد القيادة الفلسطينية في محاولة لقلب الحقائق، والادّعاء بأن الفلسطينيين يرفضون السلام، هذا الحِراك يعتبر المحاولة الأخيرة لتحريك الضمير العالمي في اتجاه دعم الآمال المشروعة للشعب الفلسطيني، وحيث لا يستطيع أحد بعد ذلك لوم القيادة الفلسطينية باتّخاذ الخيارات والبدائل الأخرى، بما في ذلك حل السلطة، والعودة إلى سلاح المقاومة.