في عدد «مجلة القافلة» قبل الأخير صاحبته نشرة عن الهدر في الطعام في مجتمعاتنا. تعاون على إصدار هذه النشرة مع مجلة القافلة جمعية (إطعام) وهي جمعية خيرية مهمتها جمع الطعام الزائد من الحفلات والمناسبات وتوزيعه على الفقراء والمعوزين. الأرقام التي جاءت في النشرة مخيفة ومخجلة، كم أتمنى أن تحفزنا على إعادة النظر في كثير من عاداتنا وتقاليدنا التي لا يحكمها عقل ولا منطق. تقول النشرة: إن إجمالي استهلاك المواد الغذائية في المملكة يبلغ نحوا من 49 مليون طن سنويا، يهدر منها 13 مليون طن (27%). وترتفع نسبة الهدر في الطعام إلى 70% في المناسبات والحفلات. ألا تدعونا هذه الأرقام إلى أن نقف ونسائل أنفسنا ما الذي فعلته بنا الأيام مع الخير الذي تدفق علينا في العقود الأخيرة من باطن الأرض. دعونا نقف عند مظهر آخر من مظاهر حياتنا الاجتماعية ألا وهو حفلات الزفاف. ما الذي يدعونا إلى أن نضع العشاء في حفلات الزفاف عند منتصف الليل؟ لما لا يكون بعد صلاة العشاء ؟ ومن ثم يأخذ كل منا سبيله إلى بيته لينام مبكرا ويصحو مبكرا والخير في البكور . عندما كنت أسكن في مدينة الخبر حضرت عدة حفلات زفاف يتعشى الناس فيها ويؤوبون إلى بيوتهم ولما تبلغ الساعة التاسعة مساء. وفي بعض المناطق في جنوب المملكة تعقد حفلات الزفاف عصرا. هل صحيح أن حفلات الزفاف التي تضم عادة مئات المدعوين لا يكاد يلتقي أحدهم فيها إلا بمجموعة محدودة هم الذين يجالسونه حول مائدته؟ ومع الموسيقى الصاخبة التي تصم الآذان لا يستطيع أحدهم أن يتبادل الحديث حتى مع جاره حول المائدة؟ هل صحيح أن حفلات النساء تثقل بتكاليفها على كاهل الأزواج. فمنهم من يستدين، ومنهم من يقتر على نفسه وأهله ليوفر المال لهذا المطلب الاجتماعي؟. حاولت شخصيا التغيير عندما زوجت أبنائي. وافقت على المبلغ الذي حدده مجلس العائلة ولكني دعوتهم إلى أن يعيدوا النظر في أوجه صرفه. دعوتهم إلى أن يصرفوا أقله على حفل الزفاف، وأكثره يبقى للعروسين يبدآن به حياتهما. لكني مع شديد الأسف رددت على عقبي من سيدات العائلة بقولهن: «وي.. ايش يقولوا علينا الناس؟» ، لعل هناك من هو أقدر مني على التغيير.